Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 48, Ayat: 15-15)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم قال تعالى : { سَيَقُولُ ٱلْمُخَلَّفُونَ إِذَا ٱنطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ } . أوضح الله كذبهم بهذا حيث كانوا عندما يكون السير إلى مغانم يتوقعونها يقولون من تلقاء أنفسهم { ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ } فإذا كان أموالهم وأهلوهم شغلتهم يوم دعوتكم إياهم إلى أهل مكة ، فما بالهم لا يشتغلون بأموالهم يوم الغنيمة ، والمراد من المغانم مغانم أهل خيبر وفتحها وغنم المسلمون ولم يكن معهم إلا من كان معه في المدينة ، وفي قوله { سَيَقُولُ ٱلْمُخَلَّفُونَ } وعد المبايعين الموافقين بالغنيمة والمتخلفين المخالفين بالحرمان . وقوله تعالى : { يُرِيدُونَ أَن يُبَدّلُواْ كَلَـٰمَ ٱللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمْ قَالَ ٱللَّهُ مِن قَبْلُ } . يحتمل وجوهاً أحدها : هو ما قال الله إن غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية وعاهد بها لا غير وهو الأشهر عند المفسرين ، والأظهر نظراً إلى قوله تعالى : { كَذَٰلِكُمْ قَالَ ٱللَّهُ مِن قَبْلُ } ، ثانيها : يريدون أن يبدلوا كلام الله وهو قوله { وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ } [ الفتح : 6 ] وذلك لأنهم لو اتبعوكم لكانوا في حكم بيعة أهل الرضوان الموعودين بالغنيمة فيكونون من الذين رضي الله عنهم كما قال تعالى : { لَّقَدْ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ } [ الفتح : 18 ] فلا يكونون من الذين غضب الله عليهم فيلزم تبديل كلام الله ثالثها : هو أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تخلف القوم أطلعه الله على باطنهم وأظهر له نفاقهم وأنه يريد أن يعاقبهم وقال للنبي صلى الله عليه وسلم { فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تُقَـٰتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّا } [ التوبة : 83 ] فأرادوا أن يبدلوا ذلك الكلام بالخروج معه ، لا يقال فالآية التي ذكرتم واردة في غزوة تبوك لا في هذه الواقعة ، لأنا نقول قد وجد ههنا بقوله { لَّن تَتَّبِعُونَا } على صيغة النفي بدلاً عن قوله : لا تتبعونا ، على صيغة النهي معنى لطيف وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم بنى على إخبار الله تعالى عنهم النفي لوثوقه وقطعه بصدقه فجزم وقال : { لَّن تَتَّبِعُونَا } يعني لو أذنتكم ولو أردتم واخترتم لا يتم لكم ذلك لما أخبر الله تعالى . ثم قال تعالى : { فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا } . رداً على قوله تعالى : { كَذَٰلِكُمْ قَالَ ٱللَّهُ مِن قَبْلُ } كأنهم قالوا : ما قال الله كذلك من قبل ، بل تحسدوننا ، وبل للاضراب والمضروب عنه محذوف في الموضعين ، أما ههنا فهو بتقدير ما قال الله وكذلك ، فإن قيل بماذا كان الحسد في اعتقادهم ؟ نقول كأنهم قالوا نحن كنا مصيبين في عدم الخروج حيث رجعوا من الحديبية من غير حاصل ونحن استرحنا ، فإن خرجنا معهم ويكون فيه غنيمة يقولون هم غنموا معنا ولم يتعبوا معنا . ثم قال تعالى رداً عليهم كما ردوا { بَلْ كَانُواْ لاَ يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } أي لم يفقهوا من قولك لا تخرجوا إلا ظاهر النهي ولم يفهموا من حكمه إلا قليلاً فحملوه على ما أرادوه وعللوه بالحسد .