Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 49, Ayat: 17-17)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقرر ذلك ويبين أن إسلامهم لمن يكن لله ، وفيه لطائف الأولى : في قوله تعالى : { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ } زيادة بيان لقبيح فعلهم ، وذلك لأن الإيمان له شرفان أحدهما : بالنسبة إلى الله تعالى وهو تنزيه الله عن الشرك وتوحيده في العظمة ، وثانيهما : بالنسبة إلى المؤمن فإنه ينزه النفس عن الجهل ويزينها بالحق والصدق ، فهم لا يطلبون بإسلامهم جانب الله ولا يطلبون شرف أنفسهم بل منوا ولو علموا أن فيه شرفهم لما منوا به بل شكروا . اللطيفة الثانية : قال : { قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلَـٰمَكُمْ } أي الذي عندكم إسلام ، ولهذا قال تعالى : { وَلَـٰكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا } ولم يقل : لم تؤمنوا ولكن أسلمتم لئلا يكون تصديقاً لهم في الإسلام أيضاً كما لم يصدقوا في الإيمان ، فإن قيل لم لم يجز أن يصدقوا في إسلامهم ، والإسلام هو الانقياد ، وقد وجد منهم قولاً وفعلاً وإن لم يوجد اعتقاداً وعلماً وذلك القدر كاف في صدقهم ؟ نقول التكذيب يقع على وجهين أحدهما : أن لا يوجد نفس المخبر عنه وثانيهما : أن لا يوجد كما أخبر في نفسه فقد يقول ما جئتنا بل جاءت بك الحاجة ، فالله تعالى كذبهم في قولهم آمنا على الوجه الأول ، أي ما آمنتم أصلاً ولم يصدقوا في الإسلام على الوجه الثاني فإنهم انقادوا للحاجة وأخذ الصدقة . اللطيفة الثالثة : قال : { بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ } يعني لا منة لكم ومع ذلك لا تسلمون رأساً برأس بحيث لا يكون لكم علينا ولا لنا عليكم منة ، بل المنة عليكم ، وقوله تعالى : { بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ } حسن أدب حيث لم يقل لا تمنوا علي بل لي المنة عليكم حيث بينت لكم الطريق المستقيم ، ثم في مقابلة هذا الأدب قال الله تعالى : { وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [ الشورى : 52 ] . اللطيفة الرابعة : لم يقل يمن عليكم أن أسلمتم بل قال : { أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَـٰنِ } لأن إسلامهم كان ضلالاً حيث كان نفاقاً فما منّ به عليهم ، فإن قيل كيف من عليهم بالهداية إلى الإيمان مع أنه بيّن أنهم لم يؤمنوا ؟ نقول الجواب عنه من ثلاثة أوجه أحدها : أنه تعالى لم يقل : بل الله يمن عليكم أن رزقكم الإيمان ، بل قال : { أَنْ هَداكُمْ لإِيمَـٰنِ } وإرسال الرسل بالآيات البينات هداية ثانيها : هو أنه تعالى يمن عليهم بما زعموا ، فكأنه قال أنتم قلتم آمنا ، فذلك نعمة في حقكم حيث تخلصتم من النار ، فقال هداكم في زعمكم ثالثها : وهو الأصح ، هو أن الله تعالى بيّن بعد ذلك شرطاً فقال : { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } .