Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 19-19)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وفيه مسائل : المسألة الأولى : في قوله { يُبَيّنُ لَكُمْ } وجهان : الأول : أن يقدر المبين ، وعلى هذا التقدير ففيه وجهان : أحدهما : أن يكون ذلك المبين هو الدين والشرائع ، وإنما حسن حذفه لأن كل أحد يعلم أن الرسول إنما أرسل لبيان الشرائع ، وثانيها : أن يكون التقدير يبين لكم ما كنتم تخفون ، وإنما حسن حذفه لتقدم ذكره . الوجه الثاني : أن لا يقدر المبين ويكون المعنى يبين لكم البيان ، وحذف المفعول أكمل لأن على هذا التقدير يصير أعم فائدة . المسألة الثانية : قوله { يُبَيّنُ لَكُمْ } في محل النصب على الحال ، أي مبيناً لكم . المسألة الثالثة : قوله { عَلَىٰ فَتْرَةٍ مَّنَ ٱلرُّسُلِ } قال ابن عباس : يريد على انقطاع من الأنبياء ، يقال : فتر الشيء يفتر فتوراً إذا سكنت حدته وصار أقل مما كان عليه ، وسميت المدة التي بين الأنبياء فترة لفتور الدواعي في العمل بتلك الشرائع . واعلم أن قوله { عَلَىٰ فَتْرَةٍ } متعلق بقوله { جَاءكُمْ } أي جاءكم على حين فتور من إرسال الرسل . قيل : كان بين عيسى ومحمد عليهما السلام ستمائة سنة أو أقل أو أكثر . وعن الكلبي كان بين موسى وعيسى عليهما السلام ألف وسبعمائة سنة ، وألفا نبي ، وبين عيسى ومحمد عليهما السلام أربعة من الأنبياء : ثلاثة من بني إسرائيل ، وواحد من العرب وهو خالد بن سنان العبسي . المسألة الرابعة : الفائدة في بعثة محمد عليه الصلاة والسلام عند فترة من الرسل هي أن التغيير والتحريف قد تطرق إلى الشرائع المتقدمة لتقادم عهدها وطول زمانها ، وبسبب ذلك اختلط الحق بالباطل والصدق بالكذب ، وصار ذلك عذراً ظاهر في اعراض الخلق عن العبادات . لأن لهم أن يقولوا : يا إلۤهنا عرفنا أنه لا بدّ من عبادتك ولكنا ما عرفنا كيف نعبد ، فبعث الله تعالى في هذا الوقت محمداً عليه الصلاة والسلام إزالة لهذا العذر ، وهو { أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ } يعني إنما بعثنا إليكم الرسول في وقت الفترة كراهة أن تقولوا : ما جاءنا في هذا الوقت من بشير ولا نذير . ثم قال تعالى : { فَقَدْ جَاءكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ } فزالت هذه العلة وارتفع هذا العذر . ثم قال : { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَيْء قَدِيرٌ } والمعنى أن حصول الفترة يوجب احتياج الخلق إلى بعثة الرسل ، والله تعالى قادر على كل شيء ، فكان قادراً على البعثة ، ولما كان الخلق محتاجين إلى البعثة ، والرحيم الكريم قادراً على البعثة وجب في كرمه ورحمته أن يبعث الرسل إليهم ، فالمراد بقوله { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَيْء قَدِيرٌ } الإشارة إلى الدلالة التي قررناها .