Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 47-47)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم قال تعالى : { وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ ٱلإنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ ٱللَّهُ فِيهِ } قرأ حمزة { وَلْيَحْكُمْ } بكسر اللام وفتح الميم ، جعل اللام متعلقة بقوله { وآتيناه الانجيل } [ المائدة : 46 ] لأن إيتاء الإنجيل إنزال ذلك عليه ، فكان المعنى آتيناه الإنجيل ليحكم ، وأما الباقون فقرؤا بجزم اللام والميم على سبيل الأمر ، وفيه وجهان : الأول : أن يكون التقدير : وقلنا ليحكم أهل الإنجيل ، فيكون هذا إخباراً عما فرض عليهم في ذلك الوقت من الحكم بما تضمنه الإنجيل ، ثم حذف القول لأن ما قبله من قوله { وَكَتَبْنَا وَقَفَّيْنَا } يدل عليه ، وحذف القول كثير كقوله تعالى : { وَالمَلَـٰئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مّن كُلّ بَابٍ سَلَـٰمٌ عَلَيْكُمُ } [ الرعد : 23 ] أي يقولون سلام عليكم ، والثاني : أن يكون قوله { وَلْيَحْكُمْ } ابتداء أمر للنصارى بالحكم في الإنجيل . فإن قيل : كيف جاز أن يؤمروا بالحكم بما في الإنجيل بعد نزول القرآن ؟ قلنا : الجواب عنه من وجوه : الأول : أن المراد ليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه من الدلائل الدالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وهو قول الأصم . والثاني : وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ، مما لم يصر منسوخاً بالقرآن ، والثالث : المراد من قوله { وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ ٱلإنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ ٱللَّهُ فِيهِ } زجرهم عن تحريف ما في الإنجيل وتغييره مثل ما فعله اليهود من إخفاء أحكام التوراة ، فالمعنى بقوله { وَلْيَحْكُمْ } أي وليقر أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه على الوجه الذي أنزله الله فيه من غير تحريف ولا تبديل . ثم قال تعالى : { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ } واختلف المفسرون ، فمنهم من جعل هذه الثلاثة ، أعني قوله الكافرون الظالمون الفاسقون صفات لموصوف واحد . قال القفال : وليس في إفراد كل واحد من هذه الثلاثة بلفظ ما يوجب القدح في المعنى ، بل هو كما يقال : من أطاع الله فهو المؤمن ، من أطاع الله فهو البر ، من أطاع الله فهو المتقي ، لأن كل ذلك صفات مختلفة حاصلة لموصوف واحد . وقال آخرون : الأول : في الجاحد ، والثاني والثالث : في المقر التارك . وقال الأصم : الأول والثاني : في اليهود ، والثالث : في النصارى .