Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 85-86)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وفي مسائل : المسألة الأولى : ظاهر الآية يدل على أنهم إنما استحقوا ذلك الثواب بمجرد القول لأنه تعالى قال : { فَأَثَابَهُمُ ٱللَّهُ بِمَا قَالُواْ } وذلك غير ممكن لأن مجرد القول لا يفيد الثواب . وأجابوا عنه من وجهين : الأول : أنه قد سبق من وصفهم ما يدل على إخلاصهم فيما قالوا ، وهو المعرفة ، وذلك هو قوله { مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ ٱلْحَقّ } [ المائدة : 83 ] فلما حصلت المعرفة والإخلاص وكمال الانقياد ثم انضاف إليه القول لا جرم كمل الإيمان . الثاني : روى عطاء عن ابن عباس أنه قال قوله { بِمَا قَالُواْ } يريد بما سألوا ، يعني قولهم { فَٱكْتُبْنَا مَعَ ٱلشَّـٰهِدِينَ } [ المائدة : 83 ] . المسألة الثانية : الآية دالة على أن المؤمن الفاسق لا يبقى مخلداً في النار ، وبيانه من وجهين : الأول : أنه تعالى قال : { وَذٰلِكَ جَزَاء ٱلْمُحْسِنِينَ } وهذا الإحسان لا بدّ وأن يكون هو الذي تقدم ذكره من المعرفة وهو قوله { مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ ٱلْحَقّ } [ المائدة : 83 ] ومن الاقرار به ، وهو قوله { فَأَثَابَهُمُ ٱللَّهُ بِمَا قَالُواْ } وإذا كان كذلك ، فهذه الآية دالة على أن هذه المعرفة ، وهذا الاقرار يوجب أن يحصل له هذا الثواب ، وصاحب الكبيرة له هذه المعرفة وهذا الاقرار ، فوجب أن يحصل له هذا الثواب ، فأما أن ينقل من الجنة إلى النار وهو باطل بالإجماع ، أو يقال : يعاقب على ذنبه ثم ينقل إلى الجنة وذلك هو المطلوب . الثاني : هو أنه تعالى قال : { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلْجَحِيمِ } فقوله { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلْجَحِيمِ } يفيد الحصر ، أي أولئك أصحاب الجحيم لا غيرهم ، والمصاحب للشيء هو الملازم له الذي لا ينفك عنه ، فهذا يقتضي تخصيص هذا الدوام بالكفار ، فصارت هذه الآية من هذين الوجهين من أقوى الدلائل على أن الخلود في النار لا يحصل للمؤمن الفاسق .