Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 51, Ayat: 23-23)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وفي المقسم عليه وجوه أحدها : { مَّا تُوعَدُونَ } أي ما توعدون لحق يؤيده قوله تعالى : { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَـٰدِقٌ } [ الذاريات : 5 ] وعلى هذا يعود كل ما قلناه من وجوه { مَّا تُوعَدُونَ } إن قلنا إن ذلك هو الجنة فالمقسم عليه هو هي . ثانيها : الضمير راجع إلى القرآن أي أن القرآن حق وفيما ذكرناه في قوله تعالى : { يُؤْفَكُ عَنْهُ } [ الذاريات : 9 ] دليل هذه وعلى هذا فقوله : { مّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ } معناه تكلم به الملك النازل من عند الله به مثل ما أنكم تتكلمون وسنذكره . ثالثها : أنه راجع إلى الدين كما في قوله تعالى : { وَإِنَّ ٱلدّينَ لَوَاقِعٌ } [ الذاريات : 6 ] . رابعها : أنه راجع إلى اليوم المذكور في قوله : { أَيَّانَ يَوْمُ ٱلدّينِ } [ الذاريات : 12 ] يدل عليه وصف الله اليوم بالحق في قوله تعالى : { ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلْحَقُّ } [ النبأ : 39 ] . خامسها : أنه راجع إلى القول الذي يقال : { هَـٰذَا ٱلَّذِى كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } [ الذاريات : 14 ] وفي التفسير مباحث : الأول : الفاء تستدعي تعقيب أمر لأمر فما الأمر المتقدم ؟ نقول فيه وجهان . أحدهما : الدليل المتقدم كأنه تعالى يقول : إن ما توعدون لحق بالبرهان المبين ، ثم بالقسم واليمين . ثانيهما : القسم المتقدم كأنه تعالى يقول : { وَٱلذرِيَـٰتِ } ثم { وَرَبُّ ٱلسَّمَاء وٱلأَرْضِ } وعلى هذا يكون الفاء حرف عطف أعيد معه حرف القسم كما يعاد الفعل إذ يصح أن يقال ومررت بعمرو ، فقوله : { وَٱلذرِيَـٰتِ ذَرْواً فَٱلْحَـٰمِلَـٰتِ وِقْراً } [ الذاريات : 1 ، 2 ] عطف من غير إعادة حرف القسم ، وقوله : { فَوَرَبّ ٱلسَّمَاء } مع إعادة حرفه ، والسبب فيه وقوع الفصل بين القسمين ، ويحتمل أن يقال الأمر المتقدم هو بيان الثواب في قوله : { يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ } [ الذاريات : 13 ] وقوله : { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍ } [ الذاريات : 15 ] وفيه فائدة ، وهو أن الفاء تكون تنبيهاً على أن لا حاجة إلى اليمين مع ما تقدم من الكشف المبين ، فكأنه يقول ورب السماء والأرض إنه لحق ، كما يقول القائل بعدما يظهر دعواه هذا والله إن الأمر كما ذكرت فيؤكد قوله باليمين ، ويشير إلى ثبوته من غير يمين . البحث الثاني : أقسم من قبل بالأمور الأرضية وهي الرياح وبالسماء في قوله : { وَٱلسَّمَاء ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } [ الذاريات : 7 ] ولم يقسم بربها ، وههنا أقسم بربها نقول كذلك الترتيب يقسم المتكلم أولاً بالأدنى فإن لم يصدق به يرتقي إلى الأعلى ، ولهذا قال بعض الناس إذا قال قائل وحياتك ، والله لا يكفر وإذا قال : والله وحياتك لا شك يكفر وهذا استشهاد ، وإن كان الأمر على خلاف ما قاله ذلك القائل لأن الكفر إما بالقلب ، أو باللفظ الظاهر في أمر القلب ، أو بالفعل الظاهر ، وما ذكره ليس بظاهر في تعظيم جانب غير الله ، والعجب من ذلك القائل أنه لا يجعل التأخير في الذكر مفيداً للترتيب في الوضوء وغيره . البحث الثالث : قرىء مثل بالرفع وحينئذ يكون وصفاً لقوله لحق ومثل وإن أضيف إلى المعرفة لا يخرجه عن جواز وصف المنكر به ، تقول رأيت رجلاً مثل عمرو ، لأنه لا يفيده تعريفاً لأنه في غاية الإبهام وقرىء : { مَثَلُ } بالنصب ، ويحتمل وجهين . أحدهما : أن يكون مفتوحاً لإضافته إلى ما هو ضعيف وإلا جاز أن يقال زيد قاتل من يعرفه أو ضارب من يشتمه . ثانيهما : أن يكون منصوباً على البيان تقديره لحق حقاً مثل ، ويحتمل أن يقال إنه منصوب على أنه صفة مصدر معلوم غير مذكور ، ووجهه أنا دللنا أن المراد من الضمير في قوله : { إِنَّهُ } هو القرآن فكأنه قال إن القرآن لحق نطق به الملك نطقاً { مّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ } وما مجرور لا شك فيه .