Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 51, Ayat: 45-45)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { فَمَا ٱسْتَطَـٰعُواْ مِن قِيَامٍ } يحتمل وجهين أحدهما : أنه لبيان عجزهم عن الهرب والفرار على سبيل المبالغة ، فإن من لا يقدر على قيام كيف يمشي فضلاً عن أن يهرب ، وعلى هذا فيه لطائف لفظية . إحداها : قوله تعالى : { فَمَا ٱسْتَطَـٰعُواْ } فإن الاستطاعة دون القدرة ، لأن في الاستطاعة دلالة الطلب وهو ينبـىء عن عدم القدرة والاستقلال ، فمن استطاع شيئاً كان دون من يقدر عليه ، ولهذا يقول المتكلمون الاستطاعة مع الفعل أو قبل الفعل إشارة إلى قدرة مطلوبه من الله تعالى مأخوذة منه وإليه الإشارة بقوله تعالى : { هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ } [ المائدة : 112 ] على قراءة من قرأ بالتاء وقوله : { فَمَا ٱسْتَطَـٰعُواْ } أبلغ من قول القائل ما قدروا على قيام . ثانيها : قوله تعالى : { مِن قِيَامٍ } بزيادة من ، وقد عرفت ما فيه من التأكيد . ثالثها : قوله : { قِيَامٍ } بدل قوله هرب لما بينا أن العاجز عن القيام أولى أن يعجز عن الهرب . الوجه الثاني : هو أن المراد من قيام القيام بالأمر ، أي ما استطاعوا من قيام به . وقوله تعالى : { وَمَا كَانُواْ مُنتَصِرِينَ } أي ما استطاعوا الهزيمة والهرب ، ومن لا يقدر عليه يقاتل وينتصر بكل ما يمكنه لأنه يدفع عن الروح وهم مع ذلك ما كانوا منتصرين ، وقد عرفت أن قول القائل ما هو بمنتصر أبلغ من قوله ما انتصر ولا ينتصر والجواب ترك مع كونه يجب تقديره وقوله : ما انتصر أي لشيء من شأنه ذلك ، كما تقول فلان لا ينصر أو فلان ليس ينصر . ثم قال تعالى :