Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 53, Ayat: 6-6)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وفي قوله تعالى : { ذُو مِرَّةٍ } وجوه : أحدها : ذو قوة ثانيها : ذو كمال في العقل والدين جميعاً ثالثها : ذو منظر وهيبة عظيمة رابعها : ذو خلق حسن فإن قيل على قولنا المراد ذو قوة قد تقدم بيان كونه ذا قوى في قوله { شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } [ النجم : 5 ] فكيف نقول قواه شديدة وله قوة ؟ نقول ذلك لا يحسن إن جاء وصفاً بعد وصف ، وأما إن جاء بدلاً لا يجوز كأنه قال : علمه ذو قوة وترك شديد القوى فليس وصفاً له وتقديره : ذو قوة عظيمة أو كاملة وهو حينئذ كقوله تعالى : { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِى قُوَّةٍ عِندَ ذِى ٱلْعَرْشِ مَكِينٍ } [ التكوير : 19 ، 20 ] فكأنه قال : علمه ذو قوة فاستوى ، والوجه الآخر في الجواب هو أن إفراد قوة بالذكر ربما يكون لبيان أن قواه المشهورة شديدة وله قوة أخرى خصّه الله بها ، يقال : فلان كثير المال ، وله مال لا يعرفه أحد أي أمواله الظاهرة كثيرة وله مال باطن ، على أنا نقول المراد ذو شدة وتقديره : علمه من قواه شديدة وفي ذاته أيضاً شدة ، فإن الإنسان ربما تكون قواه شديدة وفي جسمه صغر وحقارة ورخاوة ، وفيه لطيفة وهي أنه تعالى أراد بقوله { شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } قوته في العلم . ثم قال تعالى : { ذُو مِرَّةٍ } أي شدة في جسمه فقدم العلمية على الجسمية كما قال تعالى : { وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي ٱلْعِلْمِ وَٱلْجِسْمِ } [ البقرة : 247 ] وفي قوله { فَٱسْتَوَىٰ } وجهان المشهور أن المراد جبريل أي فاستوى جبريل في خلقه .