Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 55, Ayat: 7-7)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ورفع السماء معلوم معنى ، ونصبها معلوم لفظاً فإنها منصوبة بفعل يفسره قوله : { رَفَعَهَا } كأنه تعالى قال : رفع السماء ، وقرىء { وَٱلسَّمَاء } بالرفع على الابتداء والعطف على الجملة الابتدائية التي هي قوله : { ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } [ الرحمٰن : 5 ] وأما وضع الميزان فإشارة إلى العدل وفيه لطيفة وهي أنه تعالى بدأ أولاً بالعلم ثم ذكر ما فيه أشرف أنواع العلوم وهو القرآن ، ثم ذكر العدل وذكر أخص الأمور له وهو الميزان ، وهو كقوله تعالى : { وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْمِيزَانَ } [ الحديد : 25 ] ليعمل الناس بالكتاب ويفعلوا بالميزان ما يأمرهم به الكتاب فقوله : { عَلَّمَ ٱلْقُرْءَانَ } [ الرحمـٰن : 2 ] { وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ } مثل : { وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْمِيزَانَ } فإن قيل : العلم لا شك في كونه نعمة عظيمة ، وأما الميزان فما الذي فيه من النعم العظيمة التي بسببها يعد في الآلاء ؟ نقول : النفوس تأبى الغبن ولا يرضى أحد بأن يغلبه الآخر ولو في الشيء اليسير ، ويرى أن ذلك استهانة به فلا يتركه لخصمه لغلبة ، فلا أحد يذهب إلى أن خصمه يغلبه فلولا التبيين ثم التساوي لأوقع الشيطان بين الناس البغضاء كما وقع عند الجهل وزوال العقل والسكر ، فكما أن العقل والعلم صارا سبباً لبقاء عمارة العالم ، فكذلك العدل في الحكمة سبب ، وأخص الأسباب الميزان فهو نعمة كاملة ولا ينظر إلى عدم ظهور نعمته لكثرته وسهولة الوصول إليه كالهواء والماء اللذين لا يتبين فضلهما إلا عند فقدهما .