Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 92-94)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وفيه مسألتان : المسألة الأولى : قال ههنا : { مِنَ ٱلْمُكَذّبِينَ ٱلضَّالّينَ } وقال من قبل : { ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا ٱلضَّالُّونَ ٱلْمُكَذّبُونَ } [ الواقعة : 51 ] وقد بينا فائدة التقديم والتأخير هناك . المسألة الثانية : ذكر الأزواج الثلاثة في أول السورة بعبارة وأعادهم بعبارة أخرى فقال : { فَأَصْحَـٰبُ ٱلْمَيْمَنَةِ } [ الواقعة : 8 ] ثم قال : { وَأَصْحَـٰبُ ٱلْيَمِينِ } [ الواقعة : 27 ] وقال : { وَأَصْحَـٰبُ ٱلْمَشْـئَمَةِ } [ الواقعة : 9 ] ثم قال : { وَأَصْحَـٰبُ ٱلشّمَالِ } [ الواقعة : 41 ] وأعادهم ههنا ، وفي المواضع الثلاثة ذكر أصحاب اليمين بلفظ واحد أو بلفظين مرتين ، أحدهما غير الآخر ، وذكر السابقين في أول السورة بلفظ السابقين ، وفي آخر السورة بلفظ المقربين ، وذكر أصحاب النار في الأول بلفظ { وَأَصْحَـٰبُ ٱلْمَشْـئَمَةِ } ثم بلفظ { ٱلشّمَالِ } ثم بلفظ { ٱلْمُكَذّبِينَ } فما الحكمة فيه ؟ نقول : أما السابق فله حالتان إحداهما في الأولى ، والأخرى في الآخرة ، فذكره في المرة الأولى بماله في الحالة الأولى ، وفي الثانية بماله في الحالة الآخرة ، وليس له حالة هي واسطة بين الوقوف للعرض وبين الحساب ، بل هو ينقل من الدنيا إلى أعلى عليين ، ثم ذكر أصحاب اليمين بلفظين متقاربين ، لأن حالهم قريبة من حال السابقين ، وذكر الكفار بألفاظ ثلاثة كأنهم في الدنيا ضحكوا عليهم بأنهم أصحاب موضع شؤم ، فوصفوهم بموضع الشؤم ، فإن المشأمة مفعلة وهي الموضع ، ثم قال : { أصحاب ٱلشّمَالِ } فإنهم في الآخرة يؤتون كتابهم بشمالهم ، ويقفون في موضع هو شمال ، لأجل كونهم من أهل النار ، ثم إنه تعالى لما ذكر حالهم في أول الحشر بكونهم من أصحاب الشمال ذكر ما يكون لهم من السموم والحميم ، ثم لم يقتصر عليه ، ثم ذكر السبب فيه ، فقال : { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ * وَكَانُواْ يُصِرُّونَ } [ الواقعة : 45 ، 46 ] فذكر سبب العقاب لما بينا مراراً أن العادل يذكر للعقاب سبباً ، والمتفضل لا يذكر للإنعام والتفضل سبباً ، فذكرهم في الآخرة ما عملوه في الدنيا ، فقال : { وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُكَذّبِينَ } ليكون ترتيب العقاب على تكذيب الكتاب فظهر العدل ، وغير ذلك ظاهر .