Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 58, Ayat: 9-9)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَـٰجَوْاْ بِٱلإثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ ٱلرَّسُولِ وَتَنَـٰجَوْاْ بِٱلْبِرّ وَٱلتَّقْوَىٰ } . اعلم أن المخاطبين بقوله : { يا أيها الذين آمنوا } قولين ، وذلك لأنا إن حملنا قوله فيما تقدم : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ } [ المجادلة : 8 ] على اليهود حملنا في هذه الآية قوله : { يا أيها الذين آمنوا } على المنافقين ، أي يا أيها الذين آمنوا بألسنتهم ، وإن حملنا ذلك على جميع الكفار من اليهود والمنافقين ، حملنا هذا على المؤمنين ، وذلك لأنه تعالى لما ذم اليهود والمنافقين على التناجي بالإثم والعدوان ومعصية الرسول ، أتبعه بأن نهى أصحابه المؤمنين أن يسلكوا مثل طريقتهم ، فقال : { فَلاَ تَتَنَـٰجَوْاْ بِٱلإثْمِ } وهو ما يقبح مما يخصهم { وَٱلْعُدْوَانِ } وهو يؤدي إلى ظلم الغير { ومعصية الرسول } وهو ما يكون خلافاً عليه ، وأمرهم أن يتناجوا بالبر الذي يضاد العدوان وبالتقوى وهو ما يتقي به من النار من فعل الطاعات وترك المعاصي ، واعلم أن القوم متى تناجوا بما هذه صفته قلت : مناجاتهم ، لأن ما يدعو إلى مثل هذا الكلام يدعو إظهاره ، وذلك يقرب من قوله : { لاَّ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَـٰحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ } [ النساء : 114 ] وأيضاً فمتى عرفت طريقة الرجل في هذه المناجاة لم يتأذ من مناجاته أحد . ثم قال تعالى : { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } أي إلى حيث يحاسب ويجازي وإلا فالمكان لا يجوز على الله تعالى .