Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 135-135)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اعلم أنه لما بين بقوله : { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لأَتٍ } أمر رسوله من بعده أن يهدد من ينكر البعث عن الكفار ، فقال { قُلْ يٰقَوْم ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } وفيه مباحث : البحث الأول : قرأ أبو بكر عن عاصم { مكاناتكم } بالألف ، على الجمع في كل القرآن ، والباقون { مَكَانَتِكُمْ } قال الواحدي : والوجه الإفراد ، لأنه مصدر ، والمصادر في أكثر الأمر مفردة ، وقد تجمع أيضاً في بعض الأحوال ، إلا أن الغالب هو الأول . البحث الثاني : قال صاحب « الكشاف » : المكانة تكون مصدراً ، يقال : مكن مكانة إذا تمكن أبلغ التمكن ، وبمعنى المكان ، يقال : مكان ومكانة ، ومقام ومقامة ، فقوله : { ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } يحتمل اعملوا على تمكنكم من أمركم وأقصى استطاعتكم وإمكانكم ، ويحتمل أيضاً أن يراد اعملوا على حالتكم التي أنتم عليها يقال للرجل إذا أمر أن يثبت على حالة : على مكانتك يا فلان ، أي اثبت على ما أنت عليه لا تنحرف عنه { إِنّى عَـٰمِلٌ } أي أنا عامل على مكانتي ، التي عليها ، والمعنى : اثبتوا على كفركم وعداوتكم ، فأني ثابت على الإسلام ، وعلى مضارتكم { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } أيناله العاقبة المحمودة ، وطريقة هذا الأمر طريقة قوله : { ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ } وهي تفويض الأمر إليهم على سبيل التهديد . البحث الثالث : من في قوله : { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَـٰقِبَةُ ٱلدَّارِ } ذكر الفراء في موضعه من الإعراب وجهين : الأول : أنه نصب لوقوع العلم عليه . الثاني : أن يكون رفعاً على معنى : تعلمون أينا تكون له عاقبة الدار ، كقوله تعالى : { لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ } [ الكهف : 12 ] . البحث الرابع : قوله : { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَـٰقِبَةُ ٱلدَّارِ } يوهم أن الكافر ليست له عاقبة الدار ، وذلك مشكل . قلنا : العاقبة ، تكون على الكافر ولا تكون له ، كما يقال : له الكثرة ولهم الظفر ، وفي ضده يقال : عليكم الكثرة والظفر . البحث الخامس : قرأ حمزة والكسائي { مَّن يَكُونُ } بالياء وفي القصص أيضاً والباقون بالتاء في السورتين . قال الواحدي : العاقبة مصدر كالعافية ، وتأنيثه غير حقيقي ، فمن أنث ، فكقوله : { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ } [ المؤمنون : 41 ] ومن ذكر فكقوله : { وَأَخَذَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلصَّيْحَةُ } [ هود : 67 ] وقال : { قَدْ جَاءتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مّن رَّبّكُمْ } [ يونس : 57 ] وفي آية أخرى : { فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مّنْ رَّبّهِ } [ البقرة : 275 ] . ثم قال تعالى : { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } والغرض منه بيان أن قوله : { ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } تهديد وتخويف لا أنه أمر وطلب ، ومعناه : أن هؤلاء الكفار لا يفلحون ولا يفوزون بمطالبهم ألبتة .