Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 165-165)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اعلم أن في قوله : { جَعَلَكُمْ خَلَـٰئِفَ ٱلأَرْضِ } وجوهاً : أحدها : جعلهم خلائف الأرض لأن محمداً عليه الصلاة والسلام خاتم النبيين ، فخلفت أمته سائر الأمم . وثانيها : جعلهم يخلف بعضهم بعضاً . وثالثها : أنهم خلفاء الله في أرضه يملكونها ويتصرفون فيها . ثم قال : { وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَـٰتٍ } في الشرف والعقل ، والمال ، والجاه ، والرزق ، وإظهار هذا التفاوت ليس لأجل العجز والجهل والبخل ، فإنه تعالى متعال عن هذه الصفات ، وإنما هو لأجل الابتلاء والامتحان وهو المراد من قوله : { لِيَبْلُوَكُمْ فِيمَا أتَـٰكُمُ } وقد ذكرنا أن حقيقة الابتلاء والامتحان على الله محال ، إلا أن المراد هو التكليف وهو عمل لو صدر من الواحد منا لكان ذلك شبيهاً بالابتلاء والامتحان ، فسمى لهذا الاسم لأجل هذه المشابهة ، ثم إن هذا المكلف إما أن يكون مقصراً فيما كلف به ، وإما أن يكون موفراً فيه ، فإن كان الأول كان نصيبه من التخويف والترهيب ، وهو قوله : { إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ ٱلْعِقَابِ } ووصف العقاب بالسرعة ، لأن ما هو آت قريب ، وإن كان الثاني ، وهو أن يكون موفراً في تلك الطاعات كان نصيبه من التشريف والترغيب هو قوله : { وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } أي يغفر الذنوب ويستر العيوب في الدنيا بستر فضله وكرمه ورحمته ، وفي الآخرة بأن يفيض عليه أنواع نعمه ، وهذا الكلام بلغ في شرح الأعذار والإنذار والترغيب والترهيب إلى حيث لا يمكن الزيادة عليه ، وهذا آخر الكلام في تفسير سورة الأنعام ، والحمد لله الملك العلام .