Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 21-22)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اعلم أنه تعالى لما حكم على أولئك المنكرين بالخسران في الآية الأولى بيّـن في هذه الآية سبب ذلك الخسران ، وهو أمران : أحدهما : أن يفترى على الله كذباً ، وهذا الافتراء يحتمل وجوهاً : الأول : أن كفار مكة كانوا يقولون هذه الأصنام شركاء الله ، والله سبحانه وتعالى أمرهم بعبادتها والتقرب إليها ، وكانوا أيضاً يقولون الملائكة بنات الله ، ثم نسبوا إلى الله تحريم البحائر والسوائب . وثانيها : أن اليهود والنصارى كانوا يقولون : حصل في التوراة والإنجيل أن هاتين الشريعتين لا يتطرق إليهما النسخ والتغيير ، وأنهما لا يجيء بعدهما نبي ، وثالثها : ما ذكره الله تعالى في قوله { وَإِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا ءَابَاءنَا وَٱللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا } [ الأعراف : 28 ] ورابعها : أن اليهود كانوا يقولون { نَحْنُ أَبْنَاءُ ُٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } [ المائدة : 18 ] وكانوا يقولون { لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً } [ البقرة : 80 ] وخامسها : أن بعض الجهال منهم كان يقول : إن الله فقير ونحن أغنياء ، وأمثال هذه الأباطيل التي كانوا ينسبونها ألى الله كثيرة ، وكلها افتراء منهم على الله . والنوع الثاني : من أسباب خسرانهم تكذيبهم بآيات الله ، والمراد منه قدحهم في معجزات محمد صلى الله عليه وسلم ، وطعنهم فيها وإنكارهم كون القرآن معجزة قاهرة بينة ، ثم إنه تعالى لما حكى عنهم هذين الأمرين قال : { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } أي لا يظفرون بمطالبهم في الدنيا وفي الآخرة بل يبقون في الحرمان والخذلان . وأما قوله { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } ففي ناصب قوله { وَيَوْمَ } أقوال : الأول : أنه محذوف وتقديره { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ } كان كيت وكيت ، فترك ليبقى على الابهام الذي هو أدخل في التخويف ، والثاني : التقدير اذكر يوم نحشرهم ، والثالث : أنه معطوف على محذوف كأنه قيل لا يفلح الظالمون أبداً ويوم نحشرهم . وأما قوله { ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } فالمقصود منه التقريع والتبكيت لا السؤال ، ويحتمل أن يكون معناه أين نفس الشركاء ، ويحتمل أن يكون المراد أين شفاعتهم لكم وانتفاعكم بهم ، وعلى كلا الوجهين : لا يكون الكلام إلا توبيخاً وتقريعاً وتقريراً في نفوسهم أن الذي كانوا يظنونه مأيوس عنه ، وصار ذلك تنبيهاً لهم في دار الدنيا على فساد هذه الطريقة ، والعائد على الموصول من قوله { ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } محذوف ، والتقدير : الذين كنتم تزعمون أنهم شفعاء ، فحذف مفعول الزعم لدلالة السؤال عليه ، قال ابن عباس : وكل زعم في كتاب الله كذب .