Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 64, Ayat: 11-13)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } أي بأمر الله قاله الحسن ، وقيل : بتقدير الله وقضائه ، وقيل : بإرادة الله تعالى ومشيئته ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : بعلمه وقضائه وقوله تعالى : { يَهْدِ قَلْبَهُ } أي عند المصيبة أو عند الموت أو المرض أو الفقر أو القحط ، ونحو ذلك فيعلم أنها من الله تعالى فيسلم لقضاء الله تعالى ويسترجع ، فذلك قوله : { يَهْدِ قَلْبَهُ } أي للتسليم لأمر الله ، ونظيره قوله : { ٱلَّذِينَ إِذَا أَصَـٰبَتْهُم مُّصِيبَةٌ } إلى قوله : { أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ } [ البقرة : 156 ، 157 ] ، قال أهل المعاني : يهد قلبه للشكر عند الرخاء والصبر عند البلاء ، وهو معنى قول ابن عباس رضي الله عنهما يهد قلبه إلى ما يحب ويرضى وقرىء { نهدِ قَلْبَهُ } بالنون وعن عكرمة { يُهْدَ قَلْبَهُ } بفتح الدال وضم الياء ، وقرىء { يهدأ } قال الزجاج : هدأ قلبه يهدأ إذا سكن ، والقلب بالرفع والنصب ووجه النصب أن يكون مثل { مَن سَفِهَ نَفْسَهُ } [ البقرة : 130 ] { وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } يحتمل أن يكون إشارة إلى اطمئنان القلب عند المصيبة ، وقيل : عليم بتصديق من صدق رسوله فمن صدقه فقد هدى قلبه : { وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ } فيما جاء به من عند الله يعني هونوا المصائب والنوازل واتبعوا الأوامر الصادرة من الله تعالى ، ومن الرسول فيما دعاكم إليه . وقوله : { فَإِن تَوَلَّيْتُمْ } أي عن إجابة الرسول فيما دعاكم إليه { فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ } الظاهر والبيان البائن ، وقوله : { ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } يحتمل أن يكون هذا من جملة ما تقدم من الأوصاف الحميدة لحضرة الله تعالى من قوله : { لَهُ ٱلْمُلْكُ وَلَهُ ٱلْحَمْدُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ التغابن : 1 ] فإن من كان موصوفاً بهذه الصفات ونحوها : فهو الذي { لا إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } أي لا معبود إلا هو ولا مقصود إلا هو عليه التوكل في كل باب ، وإليه المرجع والمآب ، وقوله : { وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } بيان أن المؤمن لا يعتمد إلا عليه ، ولا يتقوى إلا به لما أنه يعتقد أن القادر بالحقيقة ليس إلا هو ، وقال في « الكشاف » : هذا بعث لرسول الله صلى الله عليه وسلم على التوكل عليه والتقوى به في أمره حتى ينصره على من كذبه وتولى عنه ، فإن قيل : كيف يتعلق { مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } بما قبله ويتصل به ؟ نقول : يتعلق بقوله تعالى : { فآمنوا بالله ورسوله } [ التغابن : 8 ] لما أن من يؤمن بالله فيصدقه يعلم ألا تصيبه مصيبة إلا بإذن الله .