Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 65, Ayat: 6-7)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أَسْكِنُوهُنَّ } وما بعده بيان لما شرط من التقوى في قوله : { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ } [ الطلاق : 4 ] كأنه قيل : كيف نعمل بالتقوى في شأن المعتدات ، فقيل : { أَسْكِنُوهُنَّ } قال صاحب « الكشاف » : من صلة ، والمعنى أسكنوهن حيث سكنتم . قال أبو عبيدة : { مّن وُجْدِكُمْ } أي وسعكم وسعتكم ، وقال الفراء : على قدر طاقتكم ، وقال أبو إسحاق : يقال وجدت في المال وجداً ، أي صرت ذا مال ، وقرىء بفتح الواو أيضاً وبخفضها ، والوجد الوسع والطاقة ، وقوله : { وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ } نهي عن مضارتهن بالتضييق عليهن في السكنى والنفقة { وَإِن كُنَّ أُوْلَـٰتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } وهذا بيان حكم المطلقة البائنة ، لأن الرجعية تستحق النفقة ، وإن لم تكن حاملاً ، وإن كانت مطلقة ثلاثاً أو مختلعة فلا نفقة لها إلا أن تكون حاملاً ، وعند مالك والشافعي ، ليس للمبتوتة إلا السكنى ولا نفقة لها ، وعن الحسن وحماد لا نفقة لها ولا سكنى ، لحديث فاطمة بنت قيس أن زوجها بت طلاقها ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم " " لا سكنى لك ولا نفقة . " " وقوله : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } يعني حق الرضاع وأجرته وقد مر ، وهو دليل على أن اللبن وإن خلق لمكان الولد فهو ملك لها وإلا لم يكن لها أن تأخذ الأجر ، وفيه دليل على أن حق الرضاع والنفقة على الأزواج في حق الأولاد وحق الإمساك والحضانة والكفالة على الزوجات وإلا لكان لها بعض الأجر دون الكل ، وقوله تعالى : { وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ } قال عطاء : يريد بفضل معروفاً منك ، وقال مقاتل : بتراضي الأب والأم ، وقال المبرد : ليأمر بعضكم بعضاً بالمعروف ، والخطاب للأزواج من النساء والرجال ، والمعروف ههنا أن لا يقصر الرجل في حق المرأة ونفقتها ولا هي في حق الولد ورضاعه وقد مر تفسير الائتمار ، وقيل : الائتمار التشاور في إرضاعه إذا تعاسرت هي ، وقوله تعالى : { وَإِن تَعَاسَرْتُمْ } أي في الأجرة : { فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ } غير الأم ، ثم بين قدر الإنفاق بقوله : { لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مّن سَعَتِهِ } أمر أهل التوسعة أن يوسعوا على نسائهم المرضعات على قدر سعتهم ومن كان رزقه بمقدار القوت فلينفق على مقدار ذلك ، ونظيره : { عَلَى ٱلْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى ٱلْمُقْتِرِ قَدْرُهُ } [ البقرة : 236 ] وقوله تعالى : { لاَ يُكَلّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا ءَاتَاهَا } أي ما أعطاها من الرزق ، قال السدي : لا يكلف الفقير مثل ما يكلف الغني ، وقوله : { سَيَجْعَلُ ٱللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً } أي بعد ضيق وشدة غنى وسعة ورخاء وكان الغالب في ذلك الوقت الفقر والفاقة ، فأعلمهم الله تعالى أن يجعل بعد عسر يسراً وهذا كالبشارة لهم بمطلوبهم ، ثم في الآية مباحث : الأول : إذا قيل : من في قوله : { مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم } ما هي ؟ نقول : هي التبعيضية أي بعض مكان سكناكم إن لم يكن لكم غير بيت واحد فأسكنوها في بعض جوانبه . الثاني : ما موقع { مّن وُجْدِكُمْ } ؟ نقول : عطف بيان لقوله : { مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم } وتفسير له ، أي مكاناً من مسكنكم على قدر طاقتكم . الثالث : فإذا كانت كل مطلقة عندكم يجب لها النفقة ، فما فائدة الشرط في قوله تعالى : { وَإِن كُنَّ أُوْلَـٰتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ } نقول : فائدته أن مدة الحمل ربما طال وقتها ، فيظن أن النفقة تسقط إذا مضى مقدار مدة الحمل ، فنفى ذلك الظن .