Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 67, Ayat: 8-8)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الصفة الثالثة : قوله : { تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ } يقال : فلان يتميز غيظاً ، ويتعصف غيظاً وغضب فطارت منه شعلة في الأرض وشعلة في السماء إذا وصفوه بالإفراط فيه . وأقول لعل السبب في هذا المجاز أن الغضب حالة تحصل عند غليان دم القلب والدم عند الغليان يصير أعظم حجماً ومقداراً فتتمدد تلك الأوعية عند ازدياد مقادير الرطوبات في البدن ، فكلما كان الغضب أشد كان الغليان أشد ، فكان الازدياد أكثر ، وكان تمدد الأوعية وانشقاقها وتميزها أكثر ، فجعل ذكر هذه الملازمة كناية عن شدة الغضب ، فإن قيل : النار ليست من الأحياء ، فكيف يمكن وصفها بالغيظ قلنا الجواب من وجوه أحدها : أن البنية عندنا ليست شرطاً للحياة فلعل الله يخلق فيها وهي نار حياة وثانيها : أنه شبه صوت لهبها وسرعة تبادرها بصوت الغضبان وحركته وثالثها : يجوز أن يكون المراد غيظ الزبانية . الصفة الرابعة : قوله تعالى : { كُلَّمَا أُلْقِىَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ } . الفوج الجماعة من الناس والأفواج الجماعات في تعرفه ، ومنه قوله : { فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً } [ النبأ : 18 ] و { خَزَنَتُهَا } مالك وأعوانه من الزبانية { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ } وهو سؤال توبيخ ، قال الزجاج : وهذا التوبيخ زيادة لهم في العذاب ، وفي الآية مسألتان : المسألة الأولى : احتجت المرجئة على أنه لا يدخل النار أحد إلا الكفار بهذه الآية ، قالوا : لأنه تعالى حكى عن كل من ألقي في النار أنهم قالوا : كذبنا النذير ، وهذا يقتضي أن من لم يكذب الله ورسوله لا يدخل النار ، واعلم أن ظاهر هذه الآية يقتضي القطع بأن الفاسق المصر لا يدخل النار ، وأجاب القاضي عنه بأن النذير قد يطلق على ما في العقول من الأدلة المحذرة المخوفة ، ولا أحد يدخل النار إلا وهو مخالف للدليل غير متمسك بموجبه . المسألة الثانية : احتج القائلون بأن معرفة الله وشكره لا يجبان إلا بعد ورود السمع بهذه الآية وقالوا : هذه الآية دلت على أنه تعالى إنما عذبهم لأنه أتاهم النذير ، وهذا يدل على أنه لو لم يأتهم النذير لما عذبهم . ثم إنه تعالى حكى عن الكفار جوابهم عن ذلك السؤال من وجهين :