Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 69, Ayat: 12-12)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً } الضمير في قوله : { لِنَجْعَلَهَا } إلى ماذا يرجع ؟ فيه وجهان : الأول : قال الزجاج إنه عائد إلى الواقعة التي هي معلومة ، وإن كانت ههنا غير مذكورة ، والتقدير لنجعل نجاة المؤمنين وإغراق الكفرة عظة وعبرة الثاني : قال الفراء : لنجعل السفينة ، وهذا ضعيف والأول هو الصواب ، ويدل على صحته قوله : { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وٰعِيَةٌ } فالضمير في قوله : { وَتَعِيَهَا } عائد إلى ما عاد إليه الضمير الأول ، لكن الضمير في قوله : { وَتَعِيَهَا } لا يمكن عوده إلى السفينة فكذا الضمير الأول . قوله تعالى : { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وٰعِيَةٌ } فيه مسألتان : المسألة الأولى : يقال : لكل شيء حفظته في نفسك وعيته ووعيت العلم ، ووعيت ما قلت ويقال : لكل ما حفظته في غير نفسك : أوعيته يقال : أوعيت المتاع في الوعاء ، ومنه قول الشاعر : @ والشـر أخبـث ما أوعيـت مـن زاد @@ واعلم أن وجه التذكير في هذا أن نجاة قوم من الغرق بالسفينة وتغريق من سواهم يدل على قدرة مدبر العالم ونفاذ مشيئته ، ونهاية حكمته ورحمته وشدة قهره وسطوته ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول هذه الآية : " " سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي ، قال علي : فما نسيت شيئاً بعد ذلك ، وما كان لي أن أنسى " " فإن قيل : لم قال { أُذُنٌ وٰعِيَةٌ } على التوحيد والتنكير ؟ قلنا : للإيذان بأن الوعاة فيهم قلة ، ولتوبيخ الناس بقلة من يعي منهم ، وللدلالة على أن الأذن الواحدة إذا وعت وعقلت عن الله فهي السواد الأعظم عند الله ، وأن ما سواها لا يلتفت إليهم ، وإن امتلأ العالم منهم . المسألة الثانية : قراءة العامة : { وَتَعِيَهَا } بكسر العين ، وروى عن ابن كثير { وَتَعِيَهَا } ساكنة العين كأنه جعل حرف المضارعة مع ما بعده بمنزلة فخذ ، فأسكن كما أسكن الحرف المتوسط من فخذ وكبد وكتف ، وإنما فعل ذلك لأن حرف المضارعة لا ينفصل من الفعل ، فأشبه ما هو من نفس الكلمة ، وصار كقول من قال : وهو وهي ومثل ذلك قوله : { وَيَتَّقْهِ } [ النور : 52 ] في قراءة من سكن القاف . واعلم أنه تعالى لما حكى هذه القصص الثلاث ونبه بها عن ثبوت القدرة والحكمة للصانع فحينئذ ثبت بثبوت القدرة إمكان القيامة ، وثبت بثبوت الحكمة إمكان وقوع القيامة . ولما ثبت ذلك شرع سبحانه في تفاصيل أحوال القيامة فذكر أولاً مقدماتها . فقال :