Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 69, Ayat: 5-5)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اعلم أن في الطاغية أقوالاً : الأول : أن الطاغية هي الواقعة المجاوزة للحد في الشدة والقوة ، قال تعالى : { إِنَّا لَمَّا طَغَىٰ ٱلْمَاء } [ الحاقة : 11 ] أي جاوز الحد ، وقال : { مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ } [ النجم : 17 ] فعلى هذا القول : الطاغية نعت محذوف ، واختلفوا في ذلك المحذوف ، فقال بعضهم : إنها الصيحة المجاوزة في القوة والشدة للصيحات ، قال تعالى : { إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وٰحِدَةً فَكَانُواْ كَهَشِيمِ ٱلْمُحْتَظِرِ } [ القمر : 31 ] وقال بعضهم : إنها الرجفة ، وقال آخرون : إنها الصاعقة والقول الثاني : أن الطاغية ههنا الطغيان ، فهي مصدر كالكاذبة والباقية والعاقبة والعافية ، أي أهلكوا بطغيانهم على الله إذ كذبوا رسله وكفروا به ، وهو منقول عن ابن عباس ، والمتأخرون طعنوا فيه من وجهين الأول : وهو الذي قاله الزجاج : أنه لما ذكر في الجملة الثانية نوع الشيء الذي وقع به العذاب ، وهو قوله تعالى : { بِرِيحٍ صَرْصَرٍ } [ الحاقة : 6 ] وجب أن يكون الحال في الجملة الأولى كذلك حتى تكون المناسبة حاصلة والثاني : وهو الذي قاله القاضي : وهو أنه لو كان المراد ما قالوه ، لكان من حق الكلام أن يقال : أهلكوا لها ولأجلها والقول الثالث : { بِٱلطَّاغِيَةِ } أي بالفرقة التي طغت من جملة ثمود ، فتآمروا بعقر الناقة فعقروها ، أي أهلكوا بشؤم فرقتهم الطاغية ، ويجوز أن يكون المراد بالطاغية ذلك الرجل الواحد الذي أقدم على عقر الناقة وأهلك الجميع ، لأنهم رضوا بفعله وقيل له طاغية ، كما يقول : فلان راوية الشعر ، وداهية وعلامة ونسابة .