Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 137-137)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اعلم أن موسى عليه السلام كان قد ذكر لبني إسرائيل قوله : { عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِى ٱلأَرْضِ } [ الأعراف : 129 ] فههنا لما بين تعالى إهلاك القوم بالغرق على وجه العقوبة ، بين ما فعله بالمؤمنين من الخيرات ، وهو أنه تعالى أورثهم أرضهم وديارهم فقال : { وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَـٰرِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَـٰرِبَهَا } والمراد من ذلك الاستضعاف أنه كان يقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم ويأخذ منهم الجزية ويستعملهم في الأعمال الشاقة ، واختلفوا في معنى مشارق الأرض ومغاربها ، فبعضهم حمله على مشارق أرض الشام . ومصر ومغاربها ، لأنها هي التي كانت تحت تصرف فرعون لعنه الله وأيضاً قوله : { ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا } المراد باركنا فيها بالخصب وسعة الأرزاق وذلك لا يليق إلا بأرض الشام . والقول الثاني : المراد جملة الأرض وذلك لأنه خرج من جملة بني إسرائيل داود وسليمان قد ملك الأرض ، وهذا يدل على أن الأرض ههنا اسم الجنس . وقوله : { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبّكَ ٱلْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِى إِسْرءيلَ } قيل المراد من { كَلمةُ ربك } قوله : { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِى ٱلأَرْضِ } [ القصص : 5 ] إلى قوله : { مَّا كَانُواْ يَحْذَرونَ } [ القصص : 6 ] والحسنى تأنيث الأحسن صفة للكلمة ، ومعنى تمت على بني إسرائيل ، مضت عليهم واستمرت ، من قولهم تم عليك الأمر إذا مضى عليك . وقيل : معنى تمام الكلمة الحسنى إنجاز الوعد الذي تقدم بإهلاك عدوهم واستخلافهم في الأرض ، وإنما كان الإنجاز تماماً للكلام لأن الوعد بالشيء يبقى كالشيء المعلق . فإذا حصل الموعود به فقد تم لك الوعد وكمل وقوله : { بِمَا صَبَرُواْ } أي إنما حصل ذلك التمام بسبب صبرهم ، وحسبك به حاثاً على الصبر ، ودالاً على أن من قابل البلاء بالجزع وكله الله إليه ، ومن قابله بالصبر وانتظار النصر ضمن الله له الفرج ، وقرأ عاصم في رواية { وَتَمَّتْ كَلِمَـٰتُ رَبّكَ ٱلْحُسْنَىٰ } ونظيره { مِنْ ءايَـٰتِ رَبّهِ ٱلْكُبْرَىٰ } [ النجم : 18 ] وقوله : { وَدَمَّرْنَا } قال الليث : الدمار الهلاك التام . يقال : دمر القوم يدمرون دماراً أي هلكوا ، وقوله : { مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ } قال ابن عباس يريد الصانع { وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ } قال الزجاج : يقال عرش يعرش ويعرش إذا بني ، قيل : وما كانوا يعرشون من الجنات ، ومنه قوله تعالى : { جَنَّـٰتٍ مَّعْرُوشَـٰتٍ } [ الأنعام : 141 ] وقيل : { وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ } يرفعون من الأبنية المشيدة في السماء ، كصرح هامان وفرعون . وقرىء يعرشون بالكسر والضم ، وذكر اليزيدي أن الكسر أفصح ، قال صاحب « الكشاف » : وبلغني أنه قرأ بعض الناس { يغرسون } من غرس الأشجار وما أحسبه إلا تصحيفاً منه ، وهذا آخر ما ذكره الله تعالى من قصة فرعون وقومه وتكذيبهم بآيات الله تعالى .