Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 140-140)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اعلم أنه تعالى حكى عن موسى عليه السلام أنهم لما قالوا له : { ٱجْعَلْ لَّنَا إِلَـٰهًا كَمَا لَهُمْ ءالِهَةٌ } فهو عليه السلام ذكر في الجواب وجوهاً : أولها : أنه حكم عليهم بالجهل فقال : { إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } وثانيها : أنه قال : { إِنَّ هَـؤُلاء مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ } أي سبب للخسران والهلاك . وثالثها : أنه قال : { وَبَـٰطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي هذا العمل الشاق لا يفيدهم نفعاً في الدنيا والدين . ورابعها : ما ذكره في هذه الآية من التعجب منهم على وجه يوجب الإنكار والتوبيخ فقال : { أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَـٰهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى ٱلْعَـٰلَمِينَ } والمعنى : أن الإله ليس شيئاً يطلب ويلتمس ويتخذ ، بل الإله هو الله الذي يكون قادراً على الإنعام بالإيجاد وإعطاء الحياة وجميع النعم ، وهو المراد من قوله : { وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى ٱلْعَـٰلَمِينَ } فهذا الموجود هو الإله الذي يجب على الخلق عبادته ، فكيف يجوز العدول عن عبادته إلى عبادة غيره . قال الواحدي رحمه الله : يقال : بغيت فلاناً شيئاً وبغيت له . قال تعالى : { يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ } [ التوبة : 47 ] أي يبغون لكم ، وفي انتصاب قوله : { إِلَـٰهاً } وجهان : أحدهما : الحال كأنه قيل : أطلب لكم غير الله معبوداً ، ونصب { غَيْرِ } في هذا الوجه على المفعول به . الثاني : أن ينصب { إِلَـٰهاً } على المفعول به { وَغَيْر } على الحال المقدمة التي لو تأخرت كانت صفة كما تقول : أبغيكم إلها غير الله . وقوله : { وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى ٱلْعَـٰلَمِينَ } فيه قولان : الأول : المراد أنه تعالى فضلهم على عالمي زمانهم . الثاني : أنه تعالى خصهم بتلك الآيات القاهرة ولم يحصل مثلها لأحد من العالمين ، وإن كان غيرهم فضلهم بسائر الخصال ، ومثاله : رجل تعلم علماً واحداً وآخر تعلم علوماً كثيرة سوى ذلك العلم ، فصاحب العلم الواحد مفضل على صاحب العلوم الكثيرة بذلك الواحد ، إلا أن صاحب العلوم الكثيرة مفضل على صاحب العلم الواحد في الحقيقة .