Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 71, Ayat: 17-18)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
واعلم أنه تعالى رجع ههنا إلى دلائل الأنفس وهو كالتفسير لقوله : { خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً } [ نوح : 14 ] فإنه بين أنه تعالى خلقهم من الأرض ثم يردهم إليها ثم يخرجهم منها مرة أخرى ، أما قوله : { أَنبَتَكُمْ مّنَ ٱلأَرْضِ نَبَاتاً } ففيه مسألتان : المسألة الأولى : في هذه الآية وجهان أحدهما : معنى قوله : { أَنبَتَكُمْ مّنَ ٱلأَرْضِ } أي أنبت أباكم من الأرض كما قال : { إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ } [ آل عمران : 59 ] . والثاني : أنه تعالى أنبت الكل من الأرض لأنه تعالى إنما يخلقنا من النطف وهي متولدة من الأغذية المتولدة من النبات المتولد من الأرض . المسألة الثانية : كان ينبغي أن يقال : أنبتكم إنباتاً إلا أنه لم يقل ذلك بل قال : أنبتكم نباتاً ، والتقدير أنبتكم فنبتم نباتاً ، وفيه دقيقة لطيفة : وهي أنه لو قال : أنبتكم إنباتاً كان المعنى أنبتكم إنباتاً عجيباً غريباً ، ولما قال : أنبتكم نباتاً كان المعنى أنبتكم فنبتم نباتاً عجيباً ، وهذا الثاني أولى لأن الإنبات صفة لله تعالى وصفة الله غير محسوسة لنا ، فلا نعرف أن ذلك الإنبات إنبات عجيب كامل إلا بواسطة إخبار الله تعالى ، وهذا المقام مقام الاستدلال على كمال قدرة الله تعالى فلا يمكن إثباته بالسمع ، أما لما قال : { أَنبَتَكُمْ … نَبَاتاً } على معنى أنبتكم فنبتم نباتاً عجيباً كاملاً كان ذلك وصفاً للنبات بكونه عجيباً كاملاً ، وكون النبات كذلك أمر مشاهد محسوس ، فيمكن الاستدلال به على كمال قدرة الله تعالى ، فكان هذا موافقاً لهذا المقام فظهر أن العدول من تلك الحقيقة إلى هذا المجاز كان لهذا السر اللطيف ، أما قوله : { ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا } فهو إشارة إلى الطريقة المعهودة في القرآن من أنه تعالى لما كان قادراً على الابتداء كان قادراً على الإعادة ، وقوله : { وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً } أكده بالمصدر كأنه قال : يخرجكم حقاً لا محالة . الدليل الرابع : قوله تعالى :