Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 72, Ayat: 28-28)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَـٰلَـٰتِ رَبّهِمْ } فيه مسائل : المسألة الأولى : وحَّد الرسول في قوله : { إِلاَّ مَنِ ٱرْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } [ الجن : 27 ] ثم جمع في قوله : { أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَـٰلَـٰتِ رَبّهِمْ } ونظيره ما تقدم من قوله : { فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِينَ } [ الجن : 23 ] . المسألة الثانية : احتج من قال بحدوث علم الله تعالى بهذه الآية لأن معنى الآية ليعلم الله أن قد أبلغوا الرسالة ، ونظيره قوله تعالى : { حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَـٰهِدِينَ } [ محمد : 31 ] والجواب من وجهين الأول : قال قتادة ومقاتل : ليعلم محمد أن الرسل قد أبلغوا الرسالة كما بلغ هو الرسالة ، وعلى هذا ، اللام في قوله : { لِيَعْلَمَ } متعلق بمحذوف يدل عليه الكلام كأنه قيل : أخبرناه بحفظ الوحي ليعلم أن الرسل قبله كانوا على مثل حالته من التبليغ الحق ، ويجوز أن يكون المعنى ليعلم الرسول أن قد أبلغوا أي جبريل والملائكة الذين يبعثون إلى الرسل رسالات ربهم ، فلا يشك فيها ويعلم أنها حق من الله الثاني : وهو اختيار أكثر المحققين أن المعنى ليعلم الله أن قد أبلغ الأنبياء رسالات ربهم ، والعلم ههنا مثله في قوله : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَـٰهَدُواْ مِنكُمْ } [ آل عمران : 142 ] والمعنى ليبلغوا رسالات ربهم فيعلم ذلك منهم . المسألة الثالثة : قرىء { لِيَعْلَمَ } على البناء للمفعول . أما قوله : { وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ } فهو يدل على كونه تعالى عالماً بالجزئيات ، وأما قوله : { وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَىْء عَدَداً } فهو يدل على كونه عالماً بجميع الموجودات ، فإن قيل : إحصاء العدد إنما يكون في المتناهي ، وقوله : { كُلّ شَىْء } يدل على كونه غير متناه ، فلزم وقوع التناقض في الآية ، قلنا : لا شك أن إحصاء العدد إنما يكون في المتناهي ، فأما لفظة { كُلّ شَىْء } فإنها لا تدل على كونه غير متناه ، لأن الشيء عندنا هو الموجودات ، والموجودات متناهية في العدد ، وهذه الآية أحد ما يحتج به على أن المعدوم ليس بشيء ، وذلك لأن المعدوم لو كان شيئاً ، لكانت الأشياء غير متناهية ، وقوله : { وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَىْء عَدَداً } يقتضي كون تلك المحصيات متناهية ، فيلزم الجمع بين كونها متناهية وغير متناهية وذلك محال ، فوجب القطع بأن المعدوم ليس بشيء حتى يندفع هذا التناقض . والله سبحانه وتعالى أعلم ، والحمد لله رب العالمين ، وصلاته وسلامه على سيد المرسلين ، وخاتم النبيين محمد النبي وآله وصحبه أجمعين .