Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 74, Ayat: 8-8)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اعلم أنه تعالى لما تمم ما يتعلق بإرشاد قدوة الأنبياء وهو محمد صلى الله عليه وسلم ، عدل عنه إلى شرح وعيد الأشقياء وهو هذه الآية ، وههنا مسائل : المسألة الأولى : الفاء في قوله : { فَإِذَا نُقِرَ } للسبب كأنه قال : اصبر على أذاهم فبين أيديهم يوم عسير يلقون فيه عاقبة أذاهم ، وتلقى أنت عاقبة صبرك عليه . المسألة الثانية : اختلفوا في أن الوقت الذي ينقر في الناقور ، أهو النفخة الأولى أم النفخة الثانية ؟ فالقول الأول : أنه هو النفخة الأولى ، قال الحليمي في كتاب " المنهاج " : أنه تعالى سمى الصور بإسمين أحدهما الصور والآخر الناقور ، وقول المفسرين : إن الناقور هو الصور ، ثم لا شك أن الصور وإن كان هو الذي ينفخ فيه النفختان معاً ، فإن نفخة الإصعاق تخالف نفخة الإحياء ، وجاء في الأخبار أن في الصور ثقباً بعدد الأرواح كلها ، وأنها تجمع في تلك الثقب في النفخة الثانية ، فيخرج عند النفخ من كل ثقبة روح إلى الجسد الذي نزع منه فيعود الجسد حياً بإذن الله تعالى ، فيحتمل أن يكون الصور محتوياً على آلتين ينقر في إحداهما وينفخ في الأخرى فإذا نفخ فيه للإصعاق ، جمع بين النقر والنفخ ، لتكون الصيحة أهد وأعظم ، وإذا نفخ فيه للإحياء لم ينقر فيه ، واقتصر على النفخ ، لأن المراد إرسال الأرواح من ثقب الصور إلى أجسادها لا تنقيرها من أجسادها ، والنفخة الأولى للتنقير ، وهو نظير صوت الرعد ، فإنه إذا اشتد فربما مات سامعه ، والصيحة الشديدة التي يصيحها رجل بصبي فيفزع منه فيموت ، هذا آخر كلام الحليمي رحمه الله ولى فيه إشكال ، وهو أن هذا يقتضي أن يكون النقر إنما يحصل عند صيحة الإصعاق ، وذلك اليوم غير شديد على الكافرين ، لأنهم يموتون في تلك الساعة إنما اليوم الشديد على الكافرين عند صيحة الإحياء ، ولذلك يقولون : يا ليتها كانت القاضية ، أي يا ليتنا بقينا على الموتة الأولى والقول الثاني : إنه النفخة الثانية ، وذلك لأن الناقور هو الذي ينقر فيه ، أي ينكت ، فيجوز أنه إذا أريد أن ينفخ في المرة الثانية ، نقر أولاً ، فسمى ناقوراً لهذا المعنى ، وأقول في هذا اللفظ بحث وهو أن الناقور فاعول من النقر ، كالهاضوم ما يهضم به ، والحاطوم ما يحطم به ، فكان ينبغي أن يكون الناقور ما ينقر به لا ما ينقر فيه . المسألة الثالثة : العامل في قوله : { فَإِذَا نُقِرَ } هو المعنى الذي دل عليه قوله : { يَوْمٌ عَسِيرٌ } [ المدثر : 9 ] والتقدير إذا نقر في الناقور عسر الأمر وصعب .