Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 75, Ayat: 26-26)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { كَلاَّ } قال الزجاج : كلا ردع عن إيثار الدنيا على الآخرة ، كأنه قيل : لما عرفتم صفة سعادة السعداء وشقاوة الأشقياء في الآخرة ، وعلمتم أنه لا نسبة لها إلى الدنيا ، فارتدعوا عن إيثار الدنيا على الآخرة ، وتنبهوا على ما بين أيديكم من الموت الذي عنده تنقطع العاجلة عنكم ، وتنتقلون إلى الآجلة التي تبقون فيها مخلدين ، وقال آخرون : { كَلاَّ } أي حقاً إذا بلغت التراقي كان كذا وكذا ، والمقصود أنه لما بين تعظيم أحوال الآخرة بين أن الدنيا لا بد فيها من الانتهاء والنفاد والوصول إلى تجرع مرارة الموت . وقال مقاتل : { كَلاَّ } أي لا يؤمن الكافر بما ذكر من أمر القيامة ، ولكنه لا يمكنه أن يدفع أنه لا بد من الموت ، ومن تجرع آلامها ، وتحمل آفاتها . ثم إنه تعالى وصف تلك الحالة التي تفارق الروح فيها الجسد فقال : { إِذَا بَلَغَتِ ٱلتَّرَاقِىَ } وفيه مسألتان : المسألة الأولى : المراد إذا بلغت النفس أو الروح ، أخبر عما لم يجر له ذكر لعلم المخاطب بذلك ، كقوله : [ القدر : 1 ] والتراقي جمع ترقوة . وهي عظم وصل بين ثغرة النحر ، والعاتق من الجانبين . واعلم أنه يكنى ببلوغ النفس التراقي عن القرب من الموت ، ومنه قول دريد بن الصمة : @ ورب عظيمة دافعت عنها وقد بلغت نفوسهم التراقي @@ ونظيره قوله تعالى : { فلولا إذا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ } [ الواقعة : 83 ] . المسألة الثالثة : قال بعض الطاعنين : إن النفس إنما تصل إلى التراقي بعد مفارقتها عن القلب ومتى فارقت النفس القلب حصل الموت لا محالة ، والآية تدل على أن عند بلوغها التراقي ، تبقى الحياة حتى يقال فيه : من راق ، وحتى تلتف الساق بالساق والجواب : المراد من قوله : { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَتِ ٱلتَّرَاقِىَ } أي إذا حصل القرب من تلك الحالة .