Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 76, Ayat: 1-1)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اتفقوا على أن { هَلُ } ههنا وفي قوله تعالى : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْغَـٰشِيَةِ } [ الغاشية : 1 ] بمعنى قد ، كما تقول : هل رأيت صنيع فلان ، وقد علمت أنه قد رآه ، وتقول : هل وعظتك هل أعطيتك ، ومقصودك أن تقرره بأنك قد أعطيته ووعظته ، وقد تجيء بمعنى الجحد ، تقول : وهل يقدر أحد على مثل هذا ، وأما أنها تجيء بمعنى الاستفهام فظاهر ، والدليل على أنها ههنا ليست بمعنى الاستفهام وجهان الأول : ما روي أن الصديق رضي الله عنه لما سمع هذه الآية قال : يا ليتها كانت تمت فلا نبتلي ، ولو كان ذلك استفهاماً لما قال : ليتها تمت ، لأن الاستفهام ، إنما يجاب بلا أو بنعم ، فإذا كان المراد هو الخبر ، فحينئذ يحسن ذلك الجواب الثاني : أن الاستفهام على الله تعالى محال فلا بد من حمله على الخبر . المسألة الأولى : اختلفوا في الإنسان المذكور ههنا فقال : جماعة من المفسرين يريد آدم عليه السلام ، ومن ذهب إلى هذا قال : إن الله تعالى ذكر خلق آدم في هذه الآية ثم عقب بذكر ولده في قوله : { إِنَّا خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ } [ الإنسان : 2 ] ، والقول الثاني : أن المراد بالإنسان بنو آدم بدليل قوله : { إِنَّا خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ مِن نُّطْفَةٍ } فالإنسان في الموضعين واحد ، وعلى هذا التقدير يكون نظم الآية أحسن . المسألة الثانية : { حِينٍ } فيه قولان : الأول : أنه طائفة من الزمن الطويل الممتد وغير مقدر في نفسه والثاني : أنه مقدر بالأربعين ، فمن قال : المراد بالإنسان هو آدم قال المعنى : أنه مكث آدم عليه السلام أربعين سنة طيناً إلى أن نفخ فيه الروح ، وروى عن ابن عباس أنه بقي طيناً أربعين سنة وأربعين من صلصال وأربعين من حمأ مسنون فتم خلقه بعد مائة وعشرين سنة ، فهو في هذه المدة ما كان شيئاً مذكوراً ، وقال الحسن : خلق الله تعالى كل الأشياء ما يرى وما لا يرى من دواب البر والبحر في الأيام الستة التي خلق فيها السموات والأرض وآخر ما خلق آدم عليه السلام وهو قوله : { لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً } فإن قبل : إن الطين والصلصال والحمأ المسنون قبل نفخ الروح فيه ما كان إنساناً ، والآية تقتضي أنه قد مضى على الإنسان حال كونه إنساناً حين من الدهر مع أنه في ذلك الحين ما كان شيئاً مذكوراً ، قلنا : إن الطين والصلصال إذا كان مصوراً بصورة الإنسان ويكون محكوماً عليه بأنه سينفخ فيه الروح وسيصير إنساناً صح تسميته بأنه إنسان ، والذين يقولون الإنسان هو النفس الناطقة ، وإنها موجودة قبل وجود الأبدان ، فالإشكال عنهم زائل واعلم أن الغرض من هذا التنبيه على أن الإنسان محدث ، ومتى كان كذلك فلا بد من محدث قادر . المسألة الثالثة : لم يكن شيئاً مذكوراً محله النصب على الحال من الإنسان كأنه قيل : هل أتى عليه حين من الدهر غير مذكور أو الرفع على الوصف لحين ، تقديره : هل أتى على الإنسان حين لم يكن فيه شيئاً .