Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 79, Ayat: 25-25)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وفيه مسألتان : المسألة الأولى : ذكروا في نصب نكال وجهين الأول : قال الزجاج : إنه مصدر مؤكد لأن معنى أخذه الله ، نكل الله به ، نكال الآخرة والأولى . لأن أخذه ونكله متقاربان ، وهو كما يقال : أدعه تركاً شديداً لأن أدعه وأتركه سواء ، ونظيره قوله : { إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } [ هود : 102 ] ، الثاني : قال الفراء : يريد أخذه الله أخذاً نكالاً للآخرة والأولى ، والنكال بمعنى التنكيل كالسلام بمعنى التسليم . المسألة الثانية : ذكر المفسرون في هذه الآية وجوهاً أحدها : أن الآخرة والأولى صفة لكلمتي فرعون إحداهما قوله : { مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي } [ القصص : 38 ] والأخرى قوله : { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } [ النازعات : 24 ] قالوا : وكان بينهما أربعون سنة ، وهذا قول مجاهد والشعبي وسعيد بن جبير ومقاتل ، ورواية عطاء والكلبي عن ابن عباس ، والمقصود التنبيه على أنه ما أخذه بكلمته الأولى في الحال ، بل أمهله أربعين سنة ، فلما ذكر الثانية أخذ بهما ، وهذا تنبيه على أنه تعالى يمهل ولا يهمل الثاني : وهو قول الحسن وقتادة : { نَكَالَ ٱلأَخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ } أي عذبه في الآخرة ، وأغرقه في الدنيا الثالث : الآخرة هي قوله : { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } والأولى هي تكذيبه موسى حين أراه الآية ، قال القفال : وهذا كأنه هو الأظهر ، لأنه تعالى قال : { فَأَرَاهُ ٱلاْيَةَ ٱلْكُبْرَىٰ * فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ * ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ * فَحَشَرَ فَنَادَىٰ * فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } [ النازعات : 20 - 24 ] فذكر المعصيتين ، ثم قال : { فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلآخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ } فظهر أن المراد أنه عاتبه على هذين الأمرين . المسألة الثالثة : قال الليث : النكال اسم لمن جعل نكالاً لغيره ، وهو الذي إذا رآه أو بلغه خاف أن يعمل عمله ، وأصل الكلمة من الامتناع ، ومنه النكول عن اليمين ، وقيل للقيد نكل لأنه يمنع ، فالنكال من العقوبة هو أعظم حتى يمتنع من سمع به عن ارتكاب مثل ذلك الذنب الذي وقع التنكيل به ، وهو في العرف يقع على ما يفتضح به صاحبه ويعتبر به غيره ، والله أعلم .