Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 59-59)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

في الآية مسائل : المسألة الأولى : اعلم أنه تعالى لما بين ما يفعل الرسول في حق من يجده في الحرب ويتمكن منه وذكر أيضاً ما يجب أن يفعله فيمن ظهر منه نقض العهد ، بين أيضاً حال من وفاته في يوم بدر وغيره ، لئلا يبقى حسرة في قلبه فقد كان فيهم من بلغ في أذية الرسول عليه الصلاة والسلام مبلغاً عظيماً فقال : { لاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ * سَبَقُواْ } والمعنى : أنهم لما سبقوا فقد فاتوك ولم تقدر على إنزال ما يستحقونه بهم ، ثم ههنا قولان : الأول : أن المراد ولا تحسبن أنهم انفلتوا منك ، فإن الله يظفرك بعيرهم . والثاني : لا تحسبن أنهم لما تخلصوا من الأسر والقتل أنهم قد تخلصوا من عقاب الله ومن عذاب الآخرة { إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ } أي أنهم بهذا السبق لا يعجزون الله من الانتقام منهم والمقصود تسلية الرسول فيمن فاته ولم يتمكن من التشفي والانتقام منه . المسألة الثانية : قرأ ابن عامر وحفص عن عاصم « لا يحسبن » بالياء المنقطة من تحت ، وفي تصحيحه ثلاثة أوجه : الأول : قال الزجاج : ولا يحسبن الذين كفروا أن يسبقونا ، لأنها في حرف ابن مسعود أنهم سبقونا فإذا كان الأمر كذلك فهي بمنزلة قولك حسبت أن أقوم ، وحسبت أقوم وحذف أن كثير في القرآن قال تعالى : { قُلْ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُونّى أَعْبُدُ } والمعنى : أن أعبد . الثاني : أن نضمر فاعلاً للحسبان ونجعل الذين كفروا المفعول الأول ، والتقدير : ولا يحسبن أحد الذين كفروا . والثالث : قال أبو علي : ويجوز أيضاً أن يضمر المفعول الأول ، والتقدير : ولا يحسبن الذين كفروا أنفسهم سبقوا أو إياهم سبقوا ، وأما أكثر القراء فقرؤا { وَلاَ تَحْسَبَنَّ } بالتاء المنقطة من فوق على مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم والذين كفروا المفعول الأول وسبقوا المفعول الثاني وموضعه نصب والمعنى : ولا تحسبن الذين كفروا سابقين . المسألة الثالثة : أكثر القراء على كسر { ءانٍ } في قوله : { إِنَّهُمْ لا } وهو الوجه لأنه ابتداء كلام غير متصل بالأول كقوله : { ٱلْكَـٰذِبِينَ أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا } وتم الكلام ثم قال : { سَاء مَا يَحْكُمُونَ } فكما أن قوله : { سَاء مَا يَحْكُمُونَ } منقطع من الجملة التي قبلها ، كذلك قوله : { إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ } وقرأ ابن عامر { أَنَّهُمْ } بفتح الألف ، وجعله متعلقاً بالجملة الأولى ، وفيه وجهان : الأول : التقدير لا تحسبنهم سبقوا ، لأنهم لا يفوتون فهم يجزون على كفرهم . الثاني : قال أبو عبيد : يجعل { لا } صلة ، والتقدير : لا تحسبن أنهم يعجزون .