Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 61-61)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

واعلم أنه لما بين ما يرهب به العدو من القوة والاستظهار ، بين بعده أنهم عند الإرهاب إذا جنحوا أي مالوا إلى الصلح ، فالحكم قبول الصلح . قال النضر : جنح الرجل إلى فلان ، وأجنح له إذا تابعه وخضع له ، والمعنى : إن مالوا إلى الصلح فمل إليه وأنث الهاء في لها ، لأنه قصد بها قصد الفعلة والجنحة كقوله : { إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } أراد من بعد فعلتهم . قال صاحب « الكشاف » : السلم تؤنث تأنيث نقيضها وهي الحرب . قال الشاعر : @ السلم تأخذ منها ما رضيت به والحرب تكفيك من أنفاسها جرع @@ وقرأ أبو بكر عن عاصم للسلم بكسر السين ، والباقون بالفتح وهما لغتان . قال قتادة هذه الآية منسوخة بقوله : { ٱقْتُلُوا ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } [ التوبة : 5 ] وقوله : { قَـٰتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } [ التوبة : 29 ] وقال بعضهم الآية غير منسوخة لكنها تضمنت الأمر بالصلح إذا كان الصلاح فيه ، فإذا رأى مصالحتهم فلا يجوز أن يهادنهم سنة كاملة ، وإن كانت القوة للمشركين جاز مهادنتهم للمسلمين عشر سنين ولا يجوز الزيادة عليها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه هادن أهل مكة عشر سنين ، ثم إنهم نقضوا العهد قبل كمال المدة . أما قوله تعالى : { وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ } فالمعنى فوض الأمر فيما عقدته معهم إلى الله ليكون عوناً لك على السلامة ، ولكي ينصرك عليهم إذا نقضوا العهد وعدلوا عن الوفاء ، ولذلك قال : { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } تنبيهاً بذلك على الزجر عن نقض الصلح ، لأنه عالم بما يضمره العباد ، وسامع لما يقولون . قال مجاهد الآية نزلت في قريظة والنضير . وورودها فيهم لا يمنع من إجرائها على ظاهر عمومها . والله أعلم .