Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 80, Ayat: 17-17)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فيه مسائل : المسألة الأولى : اعلم أنه تعالى لما بدأ بذكر القصة المشتملة على ترفع صناديد قريش على فقراء المسلمين ، عجب عباده المؤمنين من ذلك ، فكأنه قيل : وأي سبب في هذا العجب والترفع مع أن أوله نطفة قذوة وآخره جيفة مذرة ، وفيها بين الوقتين حمال عذرة ، فلا جرم ذكر تعالى ما يصلح أن يكون علاجاً لعجبهم ، وما يصلح أن يكون علاجاً لكفرهم ، فإن خلقة الإنسان تصلح لأن يستدل بها على وجود الصانع ، ولأن يستدل بها على القول بالبعث والحشر والنشر . المسألة الثانية : قال المفسرون : نزلت الآية في عتبة بن أبي لهب ، وقال آخرون : المراد بالإنسان الذين أقبل الرسول عليهم وترك ابن أم مكتوم بسببهم ، وقال آخرون : بل المراد ذم كل غني ترفع على فقير بسبب الغنى والفقر ، والذي يدل على ذلك وجوه أحدها : أنه تعالى ذمهم لترفعهم فوجب أن يعم الحكم بسبب عموم العلة وثانيها : أنه تعالى زيف طريقتهم بسبب حقارة حال الإنسان في الابتداء والانتهاء على ما قال : { مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ … ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ } [ عبس : 19 - 21 ] وعموم هذا الزجر يقتضي عموم الحكم وثالثها : وهو أن حمل اللفظ على هذا الوجه أكثر فائدة ، واللفظ محتمل له فوجب حمله عليه . المسألة الثالثة : قوله تعالى : { قُتِلَ ٱلإِنسَـٰنُ } دعاء عليه وهي من أشنع دعواتهم ، لأن القتل غاية شدائد الدنيا وما أكفره تعجب من إفراطه في كفران نعمة الله ، فقوله : { قُتِلَ ٱلإِنسَـٰنُ } تنبيه على أنهم استحقوا أعظم أنواع العقاب ، وقوله : { مَا أَكْفَرَهُ } تنبيه على أنواع القبائح والمنكرات ، فإن قيل الدعاء على الإنسان إنما يليق بالعاجز والقادر على الكل كيف يليق به ذاك ؟ والتعجب أيضاً إنما يليق بالجاهل بسبب الشيء ، فالعالم بالكل كيف يليق به ذاك ؟ الجواب : أن ذلك ورد على أسلوب كلام العرب وتحقيقة ما ذكرنا أنه تعالى بين أنهم استحقوا أعظم أنواع العقاب لأجل أنهم أتوا بأعظم أنواع القبائح ، واعلم أن لكل محدث ثلاث مراتب أوله ووسطه وآخره ، وأنه تعالى ذكر هذه المراتب الثلاثة للإنسان . أما المرتبة الأولى : فهي قوله :