Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 85, Ayat: 10-10)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اعلم أنه سبحانه لما ذكر قصة أصحاب الأخدود ، أتبعها بما يتفرع عليها من أحكام الثواب والعقاب فقال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ ٱلْمُؤْمِنِينَ } وههنا مسائل : المسألة الأولى : يحتمل أن يكون المراد منه أصحاب الأخدود فقط ، ويحتمل أن يكون المراد كل من فعل ذلك وهذا أولى لأن اللفظ عام والحكم عام فالتخصيص ترك للظاهر من غير دليل . المسألة الثانية : أصل الفتنة الابتلاء والامتحان ، وذلك لأن أولئك الكفار امتحنوا أولئك المؤمنين وعرضوهم على النار وأحرقوهم ، وقال بعض المفسرين الفتنة هي الإحراق بالنار وقال ابن عباس ومقاتل : { فَتَنُواْ ٱلْمُؤْمِنِينَ } حرقوهم بالنار ، قال الزجاج : يقال فتنت الشيء أحرقته والفتن أحجار سود كأنها محترقة ، ومنه قوله تعالى : { يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ } [ الذاريات : 13 ] . المسألة الثالثة : قوله تعالى : { ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ } يدل على أنهم لو تابوا لخرجوا عن هذا الوعيد وذلك يدل على القطع بأن الله تعالى يقبل التوبة ، ويدل على أن توبة القاتل عمداً مقبولة خلاف ما يروى عن ابن عباس . المسألة الرابعة : في قوله : { فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ ٱلْحَرِيقِ } قولان : الأول : أن كلا العذابين يحصلان في الآخرة ، إلا أن عذاب جهنم وهو العذاب الحاصل بسبب كفرهم ، وعذاب الحريق هو العذاب الزائد على عذاب الكفر بسبب أنهم أحرقوا المؤمنين ، فيحتمل أن يكون العذاب الأول عذاب برد والثاني عذاب إحراق وأن يكون الأول عذاب إحراق والزائد على الإحراق أيضاً إحراق ، إلا أن العذاب الأول كأنه خرج عن أن يسمى إحراقاً بالنسبة إلى الثاني ، لأن الثاني قد اجتمع فيه نوعا الإحراق فتكامل جداً فكان الأول ضعيفاً ، فلا جرم لم يسم إحراقاً . القول الثاني : أن قوله : { فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ } إشارة إلى عذاب الآخرة : { وَلَهُمْ عَذَابُ ٱلْحَرِيقِ } إشارة إلى ما ذكرنا أن أولئك الكفار ارتفعت عليهم نار الأخدود فاحترقوا بها .