Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 64-64)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

واعلم أنهم كانوا يسمون سورة براءة ، الحافرة حفرت عما في قلوب المنافقين قال الحسن : اجتمع اثنا عشر رجلاً من المنافقين على أمر من النفاق ، فأخبر جبريل الرسول عليه الصلاة والسلام بأسمائهم ، فقال عليه الصلاة والسلام : " " إن أناساً اجتمعوا على كيت وكيت ، فليقوموا وليعترفوا وليستغفروا ربهم حتى أشفع لهم " " فلم يقوموا ، فقال عليه الصلاة والسلام بعد ذلك : " " قم يا فلان ويا فلان " " حتى أتى عليهم ثم قالوا : نعترف ونستغفر فقال : " " الآن أنا كنت في أول الأمر أطيب نفساً بالشفاعة ، والله كان أسرع في الإجابة ، اخرجوا عني اخرجوا عني " " فلم يزل يقول حتى خرجوا بالكلية ، وقال الأصم : إن عند رجوع الرسول عليه الصلاة والسلام من تبوك وقف له على العقبة اثنا عشر رجلاً ليفتكوا به فأخبره جبريل ، وكانوا متلثمين في ليلة مظلمة وأمره أن يرسل إليهم من يضرب وجوه رواحلهم ، فأمر حذيفة بذلك فضربها حتى نحاهم ، ثم قال : " " من عرفت من القوم " " فقال : لم أعرف منهم أحداً ، فذكر النبي صلى الله عليه وسلم أسماءهم وعدهم له ، وقال : " " إن جبريل أخبرني بذلك " " فقال حذيفة : ألا تبعث إليهم ليقتلوا ، فقال : " " أكره أن تقول العرب قاتل محمد بأصحابه حتى إذا ظفر صار يقتلهم بل يكفينا الله ذلك " " فإن قيل : المنافق كافر فكيف يحذر نزول الوحي على الرسول . قلنا : فيه وجوه : الأول : قال أبو مسلم : هذا حذر أظهره المنافقون على وجه الاستهزاء حين رأوا الرسول عليه الصلاة والسلام يذكر كل شيء ويدعي أنه عن الوحي ، وكان المنافقون يكذبون بذلك فيما بينهم ، فأخبر الله رسوله بذلك وأمره أن يعلمهم أنه يظهر سرهم الذي حذروا ظهوره ، وفي قوله : { استهزئوا } دلالة على ما قلناه . الثاني : أن القوم وإن كانوا كافرين بدين الرسول إلا أنهم شاهدوا أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يخبرهم بما يضمرونه ويكتمونه ، فلهذه التجربة وقع الحذر والخوف في قلوبهم . الثالث : قال الأصم : أنهم كانوا يعرفون كونه رسولاً صادقاً من عند الله تعالى ، إلا أنهم كفروا به حسداً وعناداً . قال القاضي : يبعد في العالم بالله وبرسوله وصحة دينه أن يكون محاداً لهما . قال الداعي إلى الله : هذا غير بعيد لأن الحسد إذا قوي في القلب صار بحيث ينازع في المحسوسات ، الرابع : معنى الحذر الأمر بالحذر ، أي ليحذر المنافقون ذلك . الخامس : أنهم كانوا شاكين في صحة نبوته وما كانوا قاطعين بفسادها . والشاك خائف ، فلهذا السبب خافوا أن ينزل عليه في أمرهم ما يفضحهم ، ثم قال صاحب « الكشاف » : الضمير في قوله : { عَلَيْهِمْ } و { تُنَبّئُهُمْ } للمؤمنين ، وفي قوله : { فِى قُلُوبِهِمْ } للمنافقين ويجوز أيضاً أن تكون الضمائر كلها للمنافقين ، لأن السورة إذا نزلت في معناهم فهي نازلة عليهم ، ومعنى { تُنَبّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم } أن السورة كأنها تقول لهم في قلوبهم كيت وكيت ، يعني أنها تذيع أسرارهم إذاعة ظاهرة فكأنها تخبرهم . ثم قال : { قُلِ اسْتَهْزءُواْ } وهو أمر تهديد كقوله : { وَقُلِ ٱعْمَلُواْ } [ التوبة : 105 ] { إِنَّ ٱللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ } [ التوبة : 64 ] أي ذلك الذي تحذرونه ، فإن الله يخرجه إلى الوجود ، فإن الشيء إذا حصل بعد عدمه ، فكان فاعله أخرجه من العدم إلى الوجود .