Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 90, Ayat: 8-10)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وعجائب هذه الأعضاء مذكورة في كتب التشريح ، قال أهل العربية : النجد الطريق في ارتفاع فكأنه لما وضحت الدلائل جعلت كالطريق المرتفعة العالية بسبب أنها واضحة للعقول كوضوح الطريق العالي للأبصار ، وإلى هذا التأويل ذهب عامة المفسرين في النجدين وهو أنهما سبيلا الخير والشر ، وعن أبي هريرة أنه عليه السلام قال : " " إنما هما النجدان ، نجد الخير ونجد الشر ، ولا يكون نجد الشر ، أحب إلى أحدكم من نجد الخير " " وهذه الآية كالآية في : { هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَـٰنِ } إلى قوله : { فَجَعَلْنَـٰهُ * سَمِيعاً بَصِيراً * إِنَّا هَدَيْنَـٰهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } [ الإنسان : 1 - 3 ] وقال الحسن : قال : { أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً } فمن الذي يحاسبني عليه ؟ فقيل : الذي قدر على أن يخلق لك هذه الأعضاء قادر على محاسبتك ، وروي عن ابن عباس وسعيد بن المسيب ، أنهما الثديان ، ومن قال ذلك ذهب إلى أنهما كالطريقين لحياة الولد ورزقه ، والله تعالى هدى الطفل الصغير حتى ارتضعها ، قال القفال : والتأويل هو الأول ، ثم قرر وجه الاستدلال به ، فقال : إن من قدر على أن يخلق من الماء المهين قلباً عقولاً ولساناً قولاً ، فهو على إهلاك ما خلق قادر ، وبما يخفيه المخلوق عالم ، فما العذر في الذهاب عن هذا مع وضوحه وما الحجة في الكفر بالله من تظاهر نعمه ، وما العلة في التعزيز على الله وعلى أنصار دينه بالمال وهو المعطي له ، وهو الممكن من الانتفاع به . ثم إنه سبحانه وتعالى دل عباده على الوجوه الفاضلة التي تنفق فيها الأموال ، وعرف هذا الكافر أن إنفاقه كان فاسداً وغير مفيد ، فقال تعالى :