Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 129-129)

Tafsir: Tafsīr Bayān as-saʿāda fī maqāmāt al-ʿibāda

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ } هذا يدلّ على انّ المراد من الذرّيّة من بعث فيهم محمّد ( ص ) ولذلك قال ( ص ) على ما نسب اليه ( ص ) " انا دعوة أبى ابراهيم " { يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ } يقرأ عليهم آياتك التّدوينيّة { وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ } قد مضى بيان للكتاب والحكمة وانّ المراد بالكتاب أحكام الرّسالة والنّبوّة من العقائد الدّينيّة وعلم الاخلاق النّفسيّة وعلم الاعمال البدنيّة ، وانّ الحكمة قد تستعمل فى كمال القوّة النّظريّة ، وقد تستعمل فى كمال القوّة العمليّة ، والمراد بها هاهنا كمال القوّة العمّالة والمعنى يعلّمهم العلوم الّتى ينبغى تعلّمها والاعمال الدّقيقة المتقنة الّتى لا تتعلّم الاّ بكثرة المواظبة والممارسة عليها { وَيُزَكِّيهِمْ } بعد تعليم المسائل وتعليم اتقان العمل لسهولة التّزكية ، وهذا يدلُّ على انّ السّالك ينبغى ان يكون تحت ارادة الشّيخ بلغ ما بلغ فى العلم والعمل ؛ وهو كذلك فانّ الخلاص من الرّذائل وآفات النّفس والشّيطان لا يكون الاّ بامداد الشّيخ واعانته لانّ الانسان العليل كلّما ازال علّة من نفسه ازداد علّة أخرى فى نفسه ، وكلّما ظنّه مقوّياً لصحّته صار سبباً لزيادة مرضه او لحدوثه ، وسيأتى عند قوله تعالى { يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ } بيان للتزكية ولتقديم التّعليم هاهنا وتأخيره هناك { إِنَّكَ أَنتَ ٱلعَزِيزُ } الّذى لا يمنعك مانع عمّا تريد { ٱلحَكِيمُ } العالم بدقائق المعلومات القادر على دقائق المصنوعات ، وكأنّه اقرار بعجزه عن درك مصالح مسؤله وتعليق للسّؤال على اقتضاء حكمة كأنّه قال : { وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً } كذا ان اقتضته حكمتك ؛ وهذا غاية الادب فى السّؤال .