Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 4-4)

Tafsir: Tafsīr Bayān as-saʿāda fī maqāmāt al-ʿibāda

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ } جوابٌ لسؤالٍ مقدّرٍ ناشٍ عن الحصر المستفاد من قوله : لا تطع الكافرين واتّبع ما يوحى اليك كأنّه قيل : لا منافاة بين اتّباع الموحى وبين المداراة مع الكافرين واتّباع ما يشيرون اليه فقال : ما جعل { لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ } يحبّ ويتّبع الله بهذا ويحبّ ويتّبع بذاك الكافر ، وقيل : نزلت فى ابى معمّر حميد بن معمّر بن حبيب الفهرىّ وكان لبيباً حافظاً لما يسمع وكان يقول : انّ فى جوفى لقلبين اعقل بكلّ واحدٍ منهما افضل من عقل محمّد ( ص ) ثمّ انهزم يوم بدر مع من انهزم واحدى نعليه فى يده والاخرى فى رجله ، فقيل له فى ذلك فقال : ماشعرت الاّ انّهما فى رجلى فعرفوا يومئذٍ انّه لم يكن له الاّ قلبٌ واحدٌ وعن علىّ ( ع ) انّه : لا يجتمع حبّنا وحبّ عدوّنا فى جوف انسانٍ انّ الله لم يجعل لرجلٍ قلبين فى جوفه ، فيحبّ بهذا ويبغض بهذا ، وعن الصّادق ( ع ) فمن كان قلبه متعلّقاً فى صلٰوته بشيءٍ دون الله فهو قريبٌ من ذلك الشّيء بعيد عن حقيقة ما اراد الله منه فى صلٰوته ، ثمّ تلا هذه الآية { وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ ٱللاَّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ } زعمت العرب انّ من قال لزوجته : انت علىّ كظهر امّى صارت زوجته كأمّه فى حرمة المواقعة فقال تعالى ردّاً عليهم : ما جعل ازواجكم ( الآية ) { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ } الدّعىّ كالغنىّ من تبنّيته فعيل بمعنى المفعول ومن كان متّهماً فى نسبه ، نزلت فى زيد بن حارثة الكلبىّ عتيق رسول الله ( ص ) وسبب ذلك على ما نقل عن القمى عن الصّادق ( ع ) انّ رسول الله ( ص ) اشترى زيداً بعد تزويجه خديجة ( ع ) فلمّا نُبّئ ( ص ) دعا زيداً الى الاسلام فأسلم وكان يدعى مولى محمّدٍ ( ص ) فاتى حارثة ابا طالب ( ع ) وقال له : قل لابن اخيك : امّا ان يبيعه ، وامّا ان يفاديه ، وامّا ان يعتقه ، فلمّا قال ذلك ابو طالب ( ع ) لرسول ا لله ( ص ) قال : هو حرّ لوجه الله فليذهب حيث شاء ، فقام حارثة واخذ بيد زيدٍ وقال : يا بنىّ الحق بشرفك وحسبك فقال : لست افارق رسول الله ( ص ) ابداً فغضب ابوه وقال : يا معشر - قريش اشهدوا انّى بريء منه وليس هو ابنى فقال رسول الله ( ص ) : اشهدوا انّ زيداً ابنى ارثه ويرثنى وكان يدعى زيد بن محمّدٍ ( ص ) فلمّا هاجر رسول الله ( ص ) زوّجه زينب بنت جحشٍ وأبطأ عنه يوماً فأتى رسول الله ( ص ) منزله فاذا زينب جالسة وسط حجرتها تسحق طيباً بفهرٍ لها ، فنظر اليها رسول الله ( ص ) وكانت جميلةً فوقعت فى قلب رسول الله ( ص ) فقال : سبحان خالق النّور وتبارك الله احسن الخالقين ، ثمّ رجع وجاء زيد الى منزله فأخبرته زينب بما وقع فقال زيد : هل لك ان اطلّقك حتّى يتزوّجك رسول الله ؟ . فقالت : اخشى ان تطلّقنى ولم يتزوّجنى رسول الله ( ص ) فجاء زيد الى رسول الله فقال : هل لك ان اطلّق زينب حتّى تتزوّجها ؟ - فقال : لا ، اذهب واتّق الله وامسك عليك زوجك ثمّ حكى الله عزّ وجلّ فقال : امسك عليك زوجك واتّق ا لله وتخفى فى نفسك ما الله مبديه وتخشى النّاس والله احقّ ان تخشاه فلمّا قضى زيد منها وطراً زوّجناكها ( الى قوله ) وكان امر الله مفعولاً فزوّجه الله تعالى من فوق عرشه فقال المنافقون : يحرّم علينا نساء ابنائنا ويتزوّج امرأة ابنه زيد ، فأنزل الله عزّ وجلّ فى هذا : وما جعل ادعياءكم ابناءكم ( الى قوله ) يهدى السّبيل وسيأتى فى هذه السّورة اخبار اُخر فى كيفيّة تزويج رسول الله ( ص ) زينب لزيدٍ ولنفسه { ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ } من غير اعتقادٍ لكم به ومن غير حقيقةٍ له فى الواقع فلا تأثير لهذا القول فى ترتّب الاحكام الشّرعيّة { وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلْحَقَّ } الثّابت الّذى له حقيقة فى نفس الامر و ينبغى ان يعتقد { وَهُوَ } لا غيره { يَهْدِي ٱلسَّبِيلَ } الى الحق .