Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 53-54)
Tafsir: Tafsīr Bayān as-saʿāda fī maqāmāt al-ʿibāda
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُلْ يٰعِبَادِيَ } قد مضى انّ الخطاب للعباد من محمّد ( ص ) بياعبادى فى محلّه فانّ عباد الله كما انّهم عبادٌ لله عبد عبوديّة عباد لمظاهره عبد طاعةٍ ، على انّ حكم الظّاهر قد ينسب الى المظهر اذا انسلخ المظهر من انانيّته وظهر فيه انانيّة الظّاهر كما انّ حكم المظهر قد ينسب الى الظّاهر ويشهد لذلك قوله تعالى : { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ ، وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } [ الأنفال : 17 ] وقوله { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ } [ التوبة : 14 ] وقوله { إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ التوبة : 111 ] وقوله { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ } [ الفتح : 10 ] وقوله { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ } [ التوبة : 104 ] فانّ الاشتراء والبيعة وقبول التّوبة واخذ الصّدقات ليست الاّ بتوسّط المظاهر والخلفاء { ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } بالافراط فى حقوقها الدّنيويّة والتّفريط فى حقوقها الاخرويّة { لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً } وهذا لمن كان له سمة العبوديّة بالنّسبة الى مظاهره وخلفائه ولا يكون سمة العبوديّة الاّ لمن باع معهم البيعة العامّة او البيعة الخاصّة ، بل نقول : لا يكون سمة العبوديّة الاّ لمن باع البيعة الخاصّة فانّ الايمان الّذى هو سمة العبوديّة لا يدخل فى القلب الاّ بالبيعة الخاصّة ، وامّا المسلمون فدخولهم فى الاسلام ليس الاّ كدخول من دخل تحت حكم السّلاطين الصّوريّة ولذلك لا يكون الاجر والثّواب الاّ على الايمان دون الاسلام ، او نقول هو عامّ لكلّ من لم ينسلخ من عبودية الله تكويناً سواء صار عبداً له تكليفاً او لم يصر ، وانسلاخه من عبوديّته التّكوينيّة لا يكون الاّ بالتّمكّن فى اتّباع الهوى والشّيطان فانّ المتمكّن فى اتّباعهما لا يغفر له لانّه الشّرك الّذى قال الله { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ } [ النساء : 48 ] فالمراد بالذّنوب ههنا غير الشّرك الّذى لا يغفره الله ، وغير المتمكّن فى اتّباع الشّيطان هو الباقى على ولاية آل محمّدٍ ( ص ) تكويناً وان لم يبايع بالولاية معهم تكليفاً فلا منافاة بين هذا التّعميم ، وما ورد فى الاخبار من اختصاص الآية بشيعة آل - محمّدٍ ( ص ) فانّه قال القمىّ : نزلت فى شيعة علىّ بن ابى طالبٍ ( ع ) خاصّةً ، وعن الصّادق ( ع ) لقد ذكركم الله فى كتابه اذ يقول : { يٰعِبَادِيَ } ( الآية ) قال ( ع ) : والله ما اراد بهذا غيركم ، وعن الباقر ( ع ) : وفى شيعة ولد فاطمة ( ع ) انزل الله عزّ وجلّ هذه الآية خاصّةً ، وعن الصّادق ( ع ) : ما على ملّة ابراهيم ( ع ) غيركم ، وما يقبل الاّ منكم ، ولا يغفر الذّنوب الاّ لكم ، وعن امير المؤمنين ( ع ) : ما فى القرآن آيةٌ اوسع من { يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ } ( الآية ) ، وعن النّبىّ ( ص ) : " ما احبّ انّ لى الدّنيا وما فيها بهذه الآية " ، واذا جمع ما ورد فى شيعة علىٍّ ( ع ) مع هذه الآية علم ان ليس المراد بعبادى الاّ شيعته ، مثل حبّ علىٍّ ( ع ) حسنةٌ لا يضرّ معها سيّئةٌ ومثل : دينكم دينكم فانّ السّيّئة فيه مغفورة ، والحسنة فى غيره غير مقبولة ، ومثل : اذا عرفت فاعمل ما شئت من قليل الخير وكثيره ، ومثل : ولىّ علىٍّ ( ع ) لا يأكل الاّ الحلال ، ومثل : انّ الله عزّ وجلّ فرض على خلقه خمساً فرخّص فى اربعٍ ولم يرخّص فى واحدةٍ ، وغير ذلك ممّا يدلّ على انّ الرّجل ان وصل الى الاحتضار بالولاية غفر الله له جميع ذنوبه { إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ وَأَنِـيبُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّكُمْ } المضاف الّذى هو علىّ بن ابى طالبٍ ( ع ) وولىّ امركم ، والانابة اليه بعد البيعة ليست الاّ بالحضور لديه بمعرفته بالنّورانيّة الّذى هو الحضور عند الله والمعرفة بالله { وَأَسْلِمُواْ لَهُ } اى انقادوا له بالخروج من جميع نيّاتكم وقصودكم وليس الاّ بالحضور عنده { مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلْعَذَابُ } اى عذاب الاحتضار او عذاب القيامة { ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ } اذا لم تكونوا تسلمون له .