Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 104-106)
Tafsir: Tafsīr Bayān as-saʿāda fī maqāmāt al-ʿibāda
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَدْ جَآءَكُمْ } جواب لسؤالٍ مقدّرٍ كأنّه قيل : اذا لم يدركه الابصار فهل يمكن ادراكه ؟ - فقال : قد جاءكم { بَصَآئِرُ } جمع البصيرة كالابصار جمع البصر والبصيرة للقلب كالبصر للبدن تطلق على قوّة بها يدرك المعقولات وعلى ادراكها وعلى الحجج الّتى بها يكون ذلك الادراك وهذه هى المرادة بالبصائر ههنا ، وهى اعمّ من الانبياء والاولياء ومعجزاتهم وكراماتهم وسيرهم واخلاقهم وكتبهم وشرائعهم ، ومن البلايا والواردات والعبر والآيات الّتى تكون لخصوص الافراد او لعموم العباد ، هذا فى الآفاق ، وامّا فى الانفس فهى عبارة عن العقول والزّواجر والنّفوس والخواطر والالهامات والمنامات خصوصاً الصّادقات منها ، فانّها ادلّ دليل فى العالم الصّغير على وجود الآخرة وبقائها ووجود كلّ جزء من اجزاء عالم الطّبع فيها ماضياتها وآتياتها ، وهذا هو الدّليل الوافى لكلّ ذى بصيرة على بقاء الانفس بعد فناء الابدان فكلّ هذه بصائر { مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ } بها من اسماء الله وصفاته ومن امور الآخرة { فَلِنَفْسِهِ } ابصر { وَمَنْ عَمِيَ } عنها { فَعَلَيْهَا } عمى { وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ } هذه حكاية قول النّبىّ ( ص ) بتقدير القول او هى من الله لكنّها اشارة الى انّ حفظه تعالى وتدبيره للعباد موكول الى سبق الاستحقاق والاستعداد حتّى لا يحتجّ عليه العباد { وَكَذٰلِكَ } التّصريف الّذى صرّفنا الآيات والحججّ فى الالفاظ السّهلة التّناول بحسب المعنى { نُصَرِّفُ } متتاليات { ٱلآيَاتِ } الآفاقيّة والانفسيّة فى العالم وفى النّفوس وفى الالفاظ ليعمى فرقة وليبصر فرقة اخرى { وَلِيَقُولُواْ } اى الفرقة العامّيّة واللاّم للعاقبة { دَرَسْتَ } قرئ درست ودارست معلوماً بتاء الخطاب بمعنى قرأت وذاكرت وتعلّمت ، وقرئ درست بتاء التّأنيث بفتح الرّاء وضمّها ودارست بتاء التّأنيث ودرست ببناء المجهول وتاء التّأنيث ودرسن بنون جمع المؤنّث ودارسات بجمع اسم الفاعل والكلّ من الدّروس بمعنى الاندراس ، ويجوز ان يكون درست مجهولاً بمعنى قرئت ، وقرئ درس معلوماً بالغيبة بمعنى تعلّم محمّد هذه الآيات ودرس بكلّ من معنييه لازم ومتعدّ { وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ٱتَّبِعْ مَآ أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } لا اهواء المشركين { لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } بيان للموحى او اعتراض للتّعليل { وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } ولا تبال بهم ولا تتّبع اهواءهم ولا تحزن عليهم لشركهم والمقصود العمدة المشركون بالولاية .