Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 20-20)
Tafsir: Tafsīr Bayān as-saʿāda fī maqāmāt al-ʿibāda
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَانُ } فعل الوسوسة وهى الصّوت الخفىّ فى الاصل ثمّ غلب على ما يلقى الشّيطان فى النّفوس من الخواطر الخفيّة السّيّئة او المؤدّية الى السّوء ، وان كان المراد ظاهر ما ورد فى الاخبار من انّه اختفى بين لحيتى الحيّة وأظهر النّصح لهما بلسانٍ ظاهرىٍّ وسمعاه بالسّمع الظّاهر ، فالمقصود انّه اظهر النّصح لهما بصوتٍ خفىٍّ اظهاراً لهما انّه محض التّرحّم والشّفقة لهما مبالغةً فى الغرور ، فانّ الرّحمة والشّفقة تقتضيان اخفاء الصّوت لا الاجهار به ، والاتيان باللاّم للاشارة الى انّه نصح نافع لهما { لِيُبْدِيَ لَهُمَا } اللاّم للعاقبة او للغاية على انّه كان عالماً بانّ قرب الشّجر مورث لان يبدى لهما { مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا } وقد ورد انّ المراد كان بالسوأة هو العورة وكانت قبل ذلك مختفيةً غير ظاهرة على انفسهما ولا على غيرهما ولكن اذا اريد بالشّجرة شجرة النّفس فانّها مجمع تمام الرّذائل والخصائل ، وبه يجمع بين ما ورد فى تفسيرها مع اختلافها وتضادّها كما سبق ، وبآدم الرّوح المنفوخة فى جسده الّتى هى طليعة العقل ، وبحوّاء جهتها السّفلىّ الّتى خلقت من جانبها الايسر ، كان المراد بوسوسة الشّيطان الخطرات الّتى تقرّب الانسان الى المشتهيات النّفسانيّة وبسؤاتهما الرّذائل المكمونة والاهواء الفاسدة والآراء الكاسدة الّتى تظهر بعد الاختلاط بالنّفس ومشتهياتها ، والمراد من ورق الجنّة ما اقتضاه العقل من الحياء والتّقوى فانّهما من اوراق الجنّة ، وبهما وبسائر صفات العقل يستر المساوى ولا يتجاهر الانسان بها الاّ ان يهلك العقل ويخرج من الجنّة وحكومة العقل ، ونداء الرّبّ عبارة عن نداء العقل فى وجود الانسان بالتّوبيخ على ما يصدر عنه ممّا فيه نقصه { وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا } عطف على وسوس وتفصيل لها { عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَالِدِينَ } كأنّهما استشعرا ان ليس فى جبلّتهما ما فى الملك ولا ما يقتضى الخلود واستشعرا ما فى الملكيّة والخلود من الكمال بالنّسبة الى المخلوق المركّب من طباع العناصر ، فاشتاقا الى الوصفين فقال لهما : انّ الاكل من الشّجرة مورث للوصفين وانّ الله كرّه لكما الوصفين ولذلك نهاكما عن الاكل .