Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 55-55)
Tafsir: Tafsīr Bayān as-saʿāda fī maqāmāt al-ʿibāda
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ } كأنّه قال اذا كنتم كذلك فادعوا ربّكم ، والدّعاء يستعمل فى طلب ذات المدعوّ وفى طلب امرٍ آخر منه كأنّ المدعوّ فى الحقيقة هو ذلك الامر ، والمدعوّ مطلوب من باب المقدّمة وكلّما اطلق الدّعاء كان المطلوب ذات المدعوّ لا امراً غيره الاّ اذا قامت قرينة على انّ المطلوب غيره ، والمطلوب هناك ذات المدعوّ كأنّه قال انّه حاضر عليكم فى تدبير اموركم وانتم غائبون عنه فادعوه الى بيوت قلوبكم حتّى تحضروا عنده بخروجكم عن غيبتكم ؛ وهو مشعر بما قالت الصّوفيّة من الفكر والحضور { تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً } مصدر ان لادعوا من غير مادّته فانّ التّضّرع والخفية عبارة عن نوعى الدّعاء ما يظهر على اللّسان وما لا يظهر ، فانّ التّضرّع ملازم للظّهور على اللّسان او ما يجهر به وما لا يجهر به فانّ التّضرّع قلّما يخلو عن جهرٍ او بتقدير المصدر اى دعاء تضرّع وخفية ، او حالان بكون المصدر بمعنى المشتقّ او بتقدير مضافٍ اى ذوى تضرّع ، ولا استبعاد فى ان يقال : المراد بالتّضرّع هو الدّعاء مع الشّعور به سواء كان بلسان القالب او بلسان القلب ، وبالخفية هو الدّعاء بلسان الحال والاستعداد من غير استشعارٍ به فانّ الخفية الحقيقيّة هى الّتى لا يستشعر الدّاعى بها ، وتعلّق الامر والتّكليف بها باعتبار مقدّماتها الّتى هى بشعوره واختياره ، او يقال : المراد بالتّضرّع هو الدّعاء بلسان القالب وبالخفية هو الدّعاء بلسان القلب شاعراً بهما ؛ وهما اللّذان يسمّيان فى عرف الصّوفيّة بالّذكر الجلىّ والّذكر الخفىّ { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ } المتكبّرين المستنكفين عن الدّعاء المتجاوزين مرتبتهم وشأنهم ، لانّه من لا يدعو الله من العباد فقد تجاوز عن شأن عبوديّته ، او المراد بالمعتدين المتجاوزون فى الدّعاء حدّ الدعاء وشأن الدّاعى من التّضرّع والانكسار او حدّ الوسط بالاجهار بالصّوت فى الدّعاء ، او حدّ الوسط بين التّرك والاصرار فانّه ورد : انّه ما زال المظلوم يدعو على الظّالم حتّى يصير ظالماً .