Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 76, Ayat: 28-30)

Tafsir: Tafsīr Bayān as-saʿāda fī maqāmāt al-ʿibāda

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ } اى خلقهم او مفاصلهم بالاعصاب والاوتار او الياف المعدة والمثانة حتّى صارتا باختيار صاحبهما { وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَآ أَمْثَالَهُمْ } باذهابهم وجعل اولادهم اخلافهم ، أتى باذا لتحقّق وقوعه { تَبْدِيلاً إِنَّ هَـٰذِهِ } اى ولاية علىٍّ ( ع ) ، او قرآن ولايته ، او هذه السّورة الّتى فيها ذكر الولاية { تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً وَمَا تَشَآءُونَ } لمّا اوهم قوله تعالى فمن شاء استقلالهم بالمشيّة رفع ذلك فقال وما تشاؤن { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } . اعلم ، انّه لا يكون شيءٌ من المكوّنات ومن افعال العباد واخلاقهم واراداتهم ومشيّاتهم الاّ بمبادٍ سبعةٍ ، بمشيّة من الله ، وارادةٍ منه ، وقدرٍ منه سبحانه وقضاءٍ واذنٍ واجلٍ وكتابٍ وانّ المشيّة هى اضافته الاشراقيّة الّتى هى فعله وكلمته ، وانّ كلّ شيءٍ من المبدعات والمنشئات والمخترعات والمكوّنات قوام وجوده مشيّة الله ، وانّ مشيّة الله غير محبّته ورضاه ، وانّ الرّضا والسّخط بمنزلة صورة للمشيّة ، والمشيّة كالمادّة وانّ مشيّة العباد هى مشيّة الله بضميمة خصوصيّة الاضافة الى العباد فمعنى ما تشاؤن الاّ ان يشاء الله الاّ فى حال ان يشاء الله ، او بسبب ان يشاء الله ، او لان يشاء الله ، وامّا جعل ان يشاء الله مفعولاً لتشاؤن فبعيد بحسب الظّاهر وان كان له معنى صحيح بحسب دقيق النّظر ، لانّ كلّ ما يشاؤه العباد فهو متقوّم بمشيّة الله بل هو عين مشيّة الله الّتى صارت بحسب الاضافة محدودة بحدود الممكنات ، وقد مضى بيانٌ وافٍ لكون مشيّة الله وارادته عين مشيّة العباد واراداتهم من غير لزوم جبرٍ وتسخيرٍ عند قوله تعالى : ولكنّ الله يفعل ما يريد ، من سورة البقرة { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً } فبعلمه بدقائق الصّنع ومصالح المصنوع جعل مشيّته عين مشيّة العباد { حَكِيماً } بحيث لطف فى هذا الصّنع لطفاً لا يدركه احدٌ بل يتوهّمون ضدّه ويقولون : انّ الله فوّض امور العباد وافعالهم اليهم .