Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 35-35)
Tafsir: Tafsīr Bayān as-saʿāda fī maqāmāt al-ʿibāda
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَوْمَ يُحْمَىٰ } يوقد النّار { عَلَيْهَا } على الّذهب والفضّة وضمير المؤنّث باعتبار معنى الجمعيّة والكثرة فيهما { فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ } ذكر تعالى اشرف الاجزاء واقواها اشارةً الى شمول الكىّ او لانّهم ارادوا بالكنز الوجاهة ونعامة فراش الجنبين والظّهر مقولاً لهم { هَـٰذَا } الّذى تكوون به { مَا كَنَزْتُمْ } او هذا الكىّ غاية ما كنزتم وهو ضدّ ما اردتم { لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ } اى وباله قد اختلف الاخبار فى حقيقة الكنز وفى قدر يصدق عليه الكنز وفى مالٍ يصدق عليه وقد ذكرت الاخبار فى المفصّلات ، وتحقيق الحقّ فيه موافقاً لاشارات الاخبار انّ الانسان له مراتب كثيرة وحكمه وحاله فى كلّ مرتبة مخالف لحاله فى غيرها ، مثلاً الواقع فى جهنّام النّفس الّذى لا يرى الخير الا ما اقتضته نفسه ولا يرى الا الاسباب وكان محجوباً عن الله وتسبيبه ، فكلّما جمع مالاً لا يكون ذلك منه الاّ محض حبّ المال او محض الاتّكال فى المعاش عليه مع عدم الوثوق بالله والتّوكّل عليه ، وهذا المال منه كنز قليلاً كان او كثيراً تحت الارض كان اوفوقها مؤدّىً زكوته او غير مؤدّى ، بل هو شرك بالله وكفر وصاحبه وثنىّ وذلك المال صنمه ، وان توجّه من جهنّام النّفس الى الملكوت العليا ولا محالة يكون منزجراً عن النّفس وجهنّامها لكنّه ما لم يخرج منها يكون مقيّداً مبتلى بمقتضياتها وسلاسل شهواتها ، فان جمع فى حال التّوجّه والانزجار متوكّلاً به على الله مصداقاً لما قيل فى مضمون الصّحيحة النّبويّة : ( مثنوى ) " باتو كّل زانوى اشتربيند " معيناً به على خروجه وعلى معيشته لم يكن كنزاً ، لانّه حينئذٍ يؤدّى حقوقه الواجبة والمندوبة حيث يريد الخروج من تحت امر نفسه والدّخول تحت امر ربّه ، وان جمع فى حال التّقييد بالنّفس ومشتهياتها ولا محالة يكون محجوباً من الله والتّوكّل عليه كان كنزاً ادّى حقوقه او لم يؤدّ ، وان خرج من تلك الجهنّام الى الجانب الايمن من طور الصّدر كان له الحالتان ايضاً لكن تقيّده بسلاسل شهواتها يكون اضعف ، وان خرج من بيت نفسه الخراب الى بيت قلبه المعمور فهو ايضاً ذو وجهين وله الحالان ، وان دخل بيت قلبه فقد دخل دار الامان وفى حقّه قيل : @ كف كيرد ملّتى ملّت شود @@ فميزان الكنز وعدمه حال الانسان لا حال المال وقدره ، فالفقير المحبّ للدّنيا مكتنز ، والغنىّ المنزجر غير مكتنز ، والكنز عبارة عن محبّة الدّنيا المدّخرة فى بيت القلب اعتماداً عليها ووثوقاً لها لا المال المكتنز تحت التّراب .