Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 3-10)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ومن الناس من يجادل في الله } الآية نزلت في النضر بن الحرث وكان يقول : هذا القرآن أساطير الأولين ، وقيل : المجادلة في عباده { ويتبع كل شيطان مريد } عاصي عادي ، وقيل : من الجن والإِنس { كتب عليه } ، قيل : قضي عليه وحكم ، وقيل : كتب في اللوح المحفوظ ، وقيل : على الشيطان ، وقيل : على المجادل بالباطل { من تولاه } اتبعه وولاَّه { فأنه يضلّه } عن الدين { ويهديه إلى عذاب السعير } يعني الشيطان يدعوه إلى ما يوجب النار ، ثم ذكر الحجة في البعث فإن الأقرب أن الجدال فيه فقال : { يأيها الناس } خطاب للمكلفين { إن كنتم في ريب } أي في شك { من البعث } وهو إحياء الأموات يوم القيامة للجزاء بعد أن صاروا تراباً فالدليل على صحته { انا خلقناكم من تراب } يعني أصلكم وهو آدم فمن قدر على أن يصير التراب بشراً سوياً حيَّاً في الابتداء قدر على أن يحيي العظام { ثم من نطفةٍ } يعني ذريته { ثم من علقةٍ } بأن تصير النطفة علقة وهو الدم الغليظ { ثم من مضغة } بأن تصير العلقة مضغة وهو قطع اللحم { مخلقة وغير مخلقةٍ } ، قيل : تامة الخلق وغير تامة الخلق ، وقيل : مصورة وغير مصورة ، يعني السقط ، قال جار الله : المخلقة المسواة الملساء من النقصان والعيب من قولهم صخرة خلقاء إذا كانت ملساء ، والله تعالى يخلق المضغ متفاوتة ، منها ما هو كامل الخلقة ، أملس من العيوب ، ومنها ما هو على عكس ذلك ، فيتبع ذلك تفاوت الناس في خلقهم وصورتهم وطولهم وقصرهم وتمامهم ونقصانهم ، وإنما نقلناكم من حال إلى حال ومن خلقة إلى خلقة { لنبين لكم } بهذا التدريج قدرتنا وحكمتنا { ونقر في الأرحام ما نشاء } إلى التمام ، وقيل : علقة ومضغة مخلقة مُدة على ما يغله تعالى { إلى أجل مسمى } وقت مسمى يخرج الولد عنده { ثم نخرجكم طفلاً ثم لتبلغوا أشُدّكُم } نهاية عقولكم { ومنكم من يتوفى } يقبض روحه فيموت في حال شبابه أو صغره { ومنكم من يرد إلى أرذل العمر } ، قيل : أحسنه وأحقره ، وقيل : هو الهرم والخرف { لكيلا يعلم من بعد علم شيئاً } يعني يصير إلى حين يعدم عقله فلا يعلم شيئاً أو يذهب علومه هرماً ، ثم ذكر دليلاً آخر فقال سبحانه : { وترى الأرض هامدة } يابسة دارسةً من أثر النبات { فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزّت } تحركت بالنبات { وربت } زادت بالنبات لمجيء الغيث { وأنبتت } يعني الأرض { من كل زوج } صنف من النبات { بهيج } حسن الصورة والمنظر { ذلك بأن الله هو الحق } الآية ، الثابت الموجود ، وأنه قادر على إحياء الموتى وعلى كل مقدور وأنه حكيم لا يخلف ميعاده ، وقد وعد الساعة والبعث فلا بد أن يفي ميعاده { ومن الناس من يجادل في الله } الآية نزلت في النضر بن الحارث وكان ينكر البعث ويقول الملائكة بنات الله ، وإنما جادل في صفات الله وتوحيده وعدله وهم علماء السوء { بغير علم } أي لا يرجع فيما يقوله ، إلى علم { ولا هدى ولا كتاب منير } يؤدي إلى الحق وإنما يتبع الهوى والتقليد { ثاني عطفه } يعني أمال عنقه عن الحق اغتراراً لنفسه وخوفاً على جاهه ، وقيل : يلوي عنقه كبراً ، وثني العطف عبارة على الكبر { ليضل عن سبيل الله } فيضل الناس عن الدين { له في الدنيا خزي } هوانٌ وذلٌ ، وقيل : هو ما لحقهم يوم بدر ، قوله تعالى : { ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق } يعني عذاب النار ، ثم تقول لهم الملائكة يومئذ { ذلك } العذاب { بما قدمت } أيديكم { يداك } من العمل { وأنَّ الله ليس بظلاّم للعبيد } في تعذيبهم لأنه عذبهم بما قدموا .