Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 155-159)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إن الذين تولّوا منكم يوم التقى الجمعان } جمع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وجمع أبا سفيان بأُحد يعني الذين انهزموا بأُحد ، وقيل : أراد به الرماة { إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا } طلب منهم الزلل ودعاهم إليه ببعض ما اكتسبوا من ذنوبهم ، ومعناه أن الذين انهزموا يوم أُحد كان السبب في توليتهم أنهم أطاعوا الشيطان فافترقوا ، فلذلك منعهم التأييد حتى تولّوا ، وقيل : استزلال الشيطان إياهم هو التولي وإنما دعاهم إليه بذنوب قد تقدَّمت لهم ، لأن الذنب يجر إلى الذنب كما أن الطاعة تجر إلى الطاعة ، وقيل : تركهم المركز الذي أمرهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالثبات فيه فجرَّهم ذلك إلى الهزيمة ، قوله تعالى : { ولقد عفى الله عنهم } لتوبتهم واعتذارهم ، قوله تعالى : { إذا ضربوا في الأرض } يعني إذا سافروا فيها للتجارة أو غيرها { أو كانوا غُزًّى } يعني غزاة للكفار { والله يحيي ويميت } رد لقولهم أي الآمر بيده قد يحيي المسافر والغازي ويميت المقيم والقاعد { والله بما تعملون بصير } فلا تكونوا مثلهم ، قوله تعالى : { ممَّا يجمعون } من الدنيا ومنافعها ، وعن ابن عباس خير من طلاع الأرض ذهبةً حمراء ، قوله تعالى : { ولئن متُّم أو قُتِلْتُمْ لإِلى الله تحشرون } لإِلى الرحيم الواسع الرحمة تحشرون ، قوله تعالى : { ولو كنت فَظَّاً غليظ القلب } قاسيه { لانْفَضُّوا من حَوْلِكَ } تفرَّقوا عنك ، قوله تعالى : { فاعف عنهم } فيما يختصُّ بك { واستغفر لهم } فيما يختص بحق الله سبحانه إتماماً للشفقة عليهم ، قوله تعالى : { وشاورهم في الأمر } يعني أمر الحرب ونحوه مما لم ينزل عليك فيه وحيٌ ولما فيه من تطييب نفوسهم ، وعن الحسن : " قد علم الله أن ما به اليهم حاجة ولكنه أراد أن يستن به من بعده " وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " ما شاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم " وعن أبي هريرة : ما رأيت أحداً أكثر مشاورةً من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كل ذلك يتعطف الله نبيَّه مما جرى من أصحابه من الهزيمة والعصيان يوم أُحد ، قال الشاعر : @ شاور صديقك في الحفا المشكلِ واقبل نصيحة ناصحٍ متفضلِ فالله قد أوصى بذاك نبيَّه في قوله شاورهم وتوكلِ @@ فإذا { عزمت فتوكل على الله } يعني : فإذا قطعت الرأي على شيء بعد المشاورة فتوكل على الله في إمضاء أمرك .