Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 35-39)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إذا قالت امرأة عمران } يعني عمران بن ماثان جدّ عيسى ( عليه السلام ) : { رب إني نذرت لك ما في بطني } أي أسلمت وأخلصت لك ذلك في عبادتك لا أشغله بشيء من خدمتي { محرراً } معتقاً لخدمة بيت المقدس ، وكان هذا النوع من النذر مشروعاً عندهم ، وروي أنهم كانوا ينذرون هذا النذر ، وإذا بلغ الغلام خُيِّر بين أن يفعل أو أن لا يفعل { إني وضعتها } الضمير في وضعتها لما في بطني ، وإنما أتت على المعنى لأن ما في معاني بطنها كان أنثى في علم الله تعالى أو على تأويل الحبلة أو النفس أو التسمية { والله أعلم بما وضعت } تعظيم لموضوعها { فتقبلها ربها بقبول حسن } أي رضي بها في النذر مكان الذكر ، وروي أنها حين ولدت مريم لفتها في خرقة وحملتها إلى المسجد ووضعتها عند الأخيار أبناء هارون وهم في بيت المقدس كالحجبة في الكعبة ، وقالت : دونكم هذه النذيرة ، فتنافسوا فيها لأنها كانت بنت إمامهم وصاحب قربانهم وكان بنو ماثان رؤساء بني إسرائيل وأحبارهم وملوكهم ، فقال لهم زكريا أنا أحق بها عندي خالتها ، قالوا : لا حتى نقترع فانطلقوا وكانوا سبعة وعشرين إلى نهر الأردن ، فألقوا فيه اقلامهم ، فارتفع قلم زكريا فوق الماء ورسيت أقلامهم ، فكفلها زكريا { وأنبتها نباتاً حسناً } مجاز عن التربية الحسنة { وكفلها زكريا } يعني ضمها إليه وجعله كافلاً لها ، وقيل : بنى لها ( عليه السلام ) محراباً في المسجد غُرفة يصعد إليها بسُّلَم ، وقيل : المحراب أشرف المجالس ومقدمها كأنه وضعها في أشرف موضع من بيت المقدس ، وقيل : كانت مساجدهم تسمى المحاريب ، وقيل : كان لا يدخل عليها إلا هو وحده ، وكان إذا خرج غلق عليها سبعة أبواب { وجد عندها رزقاً } كان رزقها ينزل عليها من الجنة ، ولم ترتضع ثدياً قط ، وكان يجد عندها فاكهة الصَّيف في الشتاء ، وفاكهة الشتاء في الصيف ، قوله تعالى : { أنى لك هذا } من أين لك هذا الرزق الذي لا يشبه أرزاق الدنيا وهو في غير حينه ، والأبواب مغلقة عليك { قالت هو من عند الله } فلا تستبعد ، قيل : تكلمت وهي صغيرة كما تكلم عيسى وهو في المهد { إن الله يرزق من يشاء بغير حساب } هذا من جملة كلام مريم ( عليها السلام ) أو من كلام رب العزَّة يعني تقديراً لكثرته أو تفضلاً بغير محاسبة ، { هنالك } أي في ذلك المكان حيث هو قاعد عند مريم ( عليها السلام ) في المحراب أي في ذلك الوقت لما رأى من حال مريم في كرامتها على الله ومنزلتها رغب أن يكون له ولدٌ { ذرية } ولداً والذرِّيَّة تقع على الواحد والجمع { سميع الدعاء } أي مجيبُه { فنادته الملائكة } قيل : هو جبريل ( عليه السلام ) { في المحراب إن الله يبشرّك بيحيى } قيل : سمي يحيى لأنه أحياه الله تعالى بالإِيمان والحكمة والعلم ، أو لأنه قتل شهيداً والشهداء أحياء ، قوله تعالى : { مصدقاً بكلمة من الله } مصدقاً بعيسى مؤمناً به ، وقيل : هو أول من آمن به ، وسمي عيسى كلمة لأنه لم يوجد إلا بكلمة الله تعالى وهي قوله : كن من غير سبب آخر ، قوله تعالى : { وسيِّداً } السيّد : هو الذي يسود قومه ، أي يفوقهم في الشرف ، وكان يحيى فائقاً لقومه وللناس كلهم { وحصوراً } الحصور : الذي لا يقرب النساء ، من حصر نفسه : منعها من الشهوات ، وقيل : الذي لا يدخل في اللعب والباطل .