Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 11-14)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { يوصيكم الله في أولادكم } عن عطاء " نزلت في سعد بن الربيع وذلك أنه استشهد يوم أحد وترك ابنين وامرأة وأخاً فأخذ الأخ المال فأتت المرأة إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقالت : إن هاتين ابنتا سعد وأن سعداً قتل وأن عمهما أخذ مالهما ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " إرجعي فلعل الله أن يقضي في ذلك " فأقامت حيناً ثم عادت وبكت فنزلت الآية فدعا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عمهما وقال : " اعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن وما بقي فلك " فهذا أول ميراث قسم في الاسلام ، وعن ابن عباس ( رضي الله عنه ) : كانت المواريث للأولاد وكانت الوصيَّة للوالدين والأقربين فنسخ ذلك وأنزل الله آية المواريث فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " إن الله لم يرضَ لِملكٍ مقرب ولا لنبي مرسل حتى تولى قسمة التركات ويعطي كل ذي حق حقه ألا لا وصيَّة لوارث " قوله تعالى : { فإن كنَّ نساء فوق اثنتين } ذهب بعضهم إلى أن فوق زائدة وفيه ضعف لقوله تعالى : { فلهنَّ } والمعنى فإن كنَّ جماعات بالغات ما بلغن من العدد فلهن ما للابنتين وهو الثلثان وميراث الابنتين مقيس على الاختين بطريق الأولى قوله : { ولأبويه } الضمير للميت ولكل واحد منهما بدل من لأبويه بتكرير العامل والسدس مبتدأ ولأبويه خبره ، قوله تعالى : { إن كان له ولد } والولد يقع على الذكر والأنثى { فإن كان له إخوة فلأمه السدس } لأن الأخوة يحجبُون الأمّ من الثلث إلى السدس وإن كانوا لا يرثون مع الأب فيكون لها السدس ، قوله تعالى : { آباؤكم وأبناؤكم } الذين يموتون أمَّن أوصي منهم أمَّن لم يوصي يعني أن من أوصى ببعض ماله فعرضكم لثواب الآخرة بإمضاء وصيَّته فهو أقرب نفعاً ممن ترك الوصيَّة ووفَّر عليكم عرض الدنيا ، وقيل : نفعاً في الآخرة بالشفاعة وقيل : في الدنيا ، وقيل : بالموت فينتفعون بالتركة ، وقيل : فرض الله الفرائض على ما هو عنده حكمة ولو وكل ذلك إليكم لم تعلموا أيهم لكم أنفع فوضعتم أنتم الأموال على غير حكمة ، وقيل : الأب يجب عليه النفقة للابن إذا احتاج وكذلك الابن ، قال جار الله : وليس شيء من هذه الأقاويل موافق للمعنى والقول ما تقدم { فريضة من الله } يعني ما قسم لكل واحد شيئاً معلوماً واجباً لهم والمراد الميراث ، وقيل : الميراث والنفقة { إن الله كان عليماً } بمصالح خلقه { حكيماً } فيما قدّر لهم ، قوله تعالى : { ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع } خطاب للأزواج ، قوله تعالى : { وإن كان رجل يورث كلالةً } قيل : الكلالة القرابة إذا لم يكونوا الوالدين ولا الأولاد ، وقيل : كلالة الميت إذا لم يكن له والدان ولا ولد ، وعن عطاء والضحاك أن الكلالة هو الموروث ، وعن أبي بكر أنه سُئِل عن الكلالة ، فقال : أقول فيه برأيي فإن كان صواباً فمن الله وإن كان خطأ فمني والله منه بريءٌ ، الكلالة ما خلا الوالد والولد ، قوله تعالى : { وله أخ أو أخت } يعني لأم وهكذا وفيه إجماع ، قوله تعالى : { غير مضار } لورثته أن يوصي بما ليس عليه أو بزيادة على الثلث { وصيَّة من الله } أي : يوصيكم الله بجميع ذلك وصيةً { والله عليم } بمن يعمل بحدوده وفرائضه حليم عمن يتجاوز حده فإنه يمهله ، وقيل : عليم بمصالح خلقه حليم يمهل العصاة { تلك حدود الله } إشارة إلى الأحكام التي ذكرت في باب اليتامى والوصايا والمواريث وسماها حدوداً لأن الشرائع كالحدود { ومن يطع الله } فيما أمر به من الأحكام ، وقيل : فيما فرض من المواريث { يدخله جنَّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها } دائمين فيها { ذلك الفوز العظيم } الظفر باليغيه ، قوله تعالى : { ومن يعص الله ورسوله } فيما أمر ونهى { ويتعد حدوده } يتجاوز ما حدَّ له { يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين } يعني يهان في ذلك العذاب ، واختلفوا في قوله تعالى : { يدخله ناراً } قيل : من تعدى جميع الحدود ، وقيل : من عصى الله وتعدى ما حدَّ له ، والآية تدل على تخليد الفساق في النار لأن الوعد متوجه إليهم كذلك الوعيد والحدود وهم فساق أهل الصلاة وإن كان عموماً ويدل عليه ما روي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : " لو أن رجلاً عبد الله سبعين سنة ثم ختم وصيَّته بضرار لأحبط الضرار عمله ثم أدخله النار " وهو ما تقدم في آية المواريث .