Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 51-58)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ألم ترَ إلى الذين أُوتُوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجِبتِ } الآية نزلت في كعب بن الأشرف وأصحابه وذلك أنه خرج إلى مكة في سبعين راكباً من اليهود يحالفون قريشاً على محاربة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ونقضوا عهده ونزلوا على أبي سفيان فقال لهم أهل مكة : أنتم أهل كتاب ومحمد صاحب كتاب ولا نأمن أن يكون هذا منكم سكراً فإن أردتم أن نخرج معكم فاسجدوا لهذين الصنمين ففعلوا ، فهذا إيمانهم بالجِبتِ { والطاغوت } لأنهم سجدوا للأصنام ، والطاغوت : الشيطان ، قال كعب : أنتم منَّا ونحن منكم وتعاقدوا على حرب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقال أبو سفيان لكعب : إنك لتقرأ الكتاب فبيّن لنا أَنَحْنُ أهدى سبيلاً أم محمد ؟ قال كعب : ماذا يقول محمد ؟ قالوا : يأمر بعبادة الله وحده وينهى عن الشرك ، قال : وما دينكم ؟ قالوا : نحن ولاة البيت نسقي الحاج ونقري الضيف ونفك العاني وذكروا أفعالهم ، فقال : أنتم أهدى سبيلاً ، وعن ابن عباس ( رضي الله عنه ) : الجبت حيي بن أخطب ، والطاغوت كعب بن الأشرف ، وقيل : الجِبتِ الأصنام وهو الظاهر والطاغوت الشيطان لعنه الله تعالى ، وصف اليهود بالبخل والحسد وهما شر خصلتين ، قوله تعالى : { أم لهم نصيبٌ من المُلْكِ فإذا لا يُؤْتون الناس نقيراً } أحداً مقدَّراً نقير : لفرط بخلهم ، والنقير : النقرة في ظهر نواة التمر وهو مثل في القلة ، كالفتيل والقطمير ، والمراد بالمُلْكِ أما ملك أهل الدُّنيا وإما ملك الله تعالى كقوله تعالى : { قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذاً لأمسكتم خشية الإِنفاق } [ الإسراء : 100 ] قوله تعالى : { أم يحسدون الناس } يعني يحسدون رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والمؤمنين على ما آتاهم من النصرة والغلبة ، قوله تعالى : { فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة } الذين هم أسلاف رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأنه ليس ببدع أن يؤتيه الله مثل ما أُوتي أسلافه ، وعن ابن عباس : الملك في آل إبراهيم ملك يوسف وداوود وسليمان ، قوله تعالى : { فمنهم } فمن اليهود { من آمن به ومنهم من } أنكر نبوَّته ، أو من آل إبراهيم من آمن بإبراهيم ومنهم من كفر ، قوله تعالى : { بدَّلناهُم جلوداً غيرها } بدلناهم إياها ، قال جار الله ، فإن قلت : كيف يعذب بالجلود العاصية جلوداً لم تعص ؟ قلت : العذاب للجملة الحساب لله وهي التي عصت لا للجلد ، وعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " تبدل جلودهم كل يوم سبع مرات " ، وعن الحسن ( رضي الله عنه ) : كل يوم سبعين مرة يبدلون جلوداً بيضاً كالقراطيس ، قوله تعالى : { ليذوقوا العذاب } أي ليدوم لهم ذوقه ولا ينقطع { وندخلهم ظلاً ظليلاً } يريد ظل الجنة ، قوله تعالى : { إن الله يأمركم أن تُؤدُّوا الأمانات إلى أهلها } الخطاب عام لكل أحد في كل أمانة ، وقيل : نزلت في عثمان بن طلحة بن عبد الدار وكان سادن الكعبة وذلك أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حين دخل مكة يوم الفتح أغلق عثمان باب الكعبة وصعد السطح فأبى أن يدفع المفتاح إليه وقال : لو علمتُ أنه رسول الله لم أمنعه فلوى علي بن أبي طالب يده وأخذ المفتاح منه وفتح ودخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الكعبة وصلَّى ركعتين فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح ويجمع له السقاية والسدانة فنزلت الآية فأمر علياً ( عليه السلام ) أن يرده إلى عثمان ويعتذر إليه فقال عثمان لعليّ : أكرهت وأذيت ثم جئت تترفق ، فقال : " لقد أنزل الله في شأنك قرآناً " وقرأ عليه الآية ، فقال عثمان : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ، فهبط جبريل ( عليه السلام ) وأخبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن السدانة في أولاد عثمان أبداً ، وقيل : هو خطاب للولاة بأداء الأمانات والحكم بالعدل ، قوله تعالى : { إن الله نعمّا يعظكم به } قال جار الله : قيل : نعم شيء يعظكم به أو نعم الشيء الذي يعظكم به ، والمخصوص بالمدح محذوف أي نعماً يعظكم به ذلك وهو المأمور به من أداء الأمانات والعدل في الحكم .