Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 33-39)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } ومحاربة المسلمين في حكم محاربته { ويسعون في الأرض فساداً } يعني مفسدين ، الآية نزلت في قوم هلال بن عويمر وكان بينه وبين رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عهود فمر به قوم يريدون رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقطعوا عليهم الطريق ، وقيل : في قوم من عونه نزلوا المدينة مظهرين الإسلام فاستوخموها واصفرّت ألوانهم فبعثهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى إبل الصدقة ليشربوا من ألبانها وأبوالها فصحوا ومالوا على قتلهم واستاقوا الإِبل وارتدوا فبعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من يردّهم وأمر بقطع أيديهم وأرجلهم وثمل أعينهم وتركهم في الحر حتى ماتوا ، قيل : من جمع بين القتل وأخذ المال قُتِل وصُلِبَ ، ومن أفرد القتل قُتِل ، ومن أفرد أخذ المال قطعت يده لأخذ المال ورجله ، ومن أفرد الإِخافة نفي من الأرض ، قال جار الله : وهذا حكم كل قاطع طريق كافراً كان أو مسلماً ومعناه : أن يقتلوا من غير صلب ان افردوا القتل وأن يصلبوا مع القتل إن جمعوا بين القتل والأخذ للمال ، قوله تعالى : { أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف } ان أخذوا المال { أو ينفوا من الأرض } ان لم يزيدوا على الاخافة ، وعن الحسن : أن الإِمام مخيّر بين هذه الوجوه وقد قيل في النفي : أنه يحبس ، وقيل : يطرد ، وقيل : ينفى من بلده وكانوا ينفونهم { ذلك لهم خزي في الدنيا } أي ذلّ وفضيحة { ولهم في الآخرة عذاب عظيم } { إلا الذين تابوا } استثناء من المعاقبين عقاب قاطع الطريق خاصة قاله جار الله ، وأما حكم القتل والجراح وأخذ المال فإلى الأولياء إن شاؤوا عفوا وإن شاؤوا استوفوا ، وعن علي ( عليه السلام ) : أن الحرث بن زيد جاءه تائباً بعد ما كان يقطع الطريق فقبل توبته ودرأ عنه العقوبة ، قوله تعالى : { يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة } خطاب لجميع المؤمنين والوسيلة هي ما يتوسل به من قراءته أو صنيعه أو غير ذلك وما يتوسل به إلى الله تعالى من فعل الطاعات وترك المعاصي ، قوله تعالى : { إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض } أي لو ملكوا جميع ما في الأرض ومثل ذلك : { ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم } قوله : { يريدون أن يخرجوا من النار } قيل : يريدون أن يخرجون منها ولا يتمكنون من ذلك ، وقيل : يتمنون الخروج { وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم } ثابت لا يزول ، قوله تعالى : { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } والمقدار الذي يجب القطع عليه عشرة دراهم ، وعن مالك والشافعي ربع دينار ، وعن الحسن درهم { فمن تاب من بعد ظلمه } يعني من بعد سرقته { وأصلح } أمره فإن الله يتوب عليه بسقوط عذاب الآخرة وأما القطع فلا يسقط عند أبي حنيفة ، وعن الشافعي في أحد قوليه يسقط ، وقيل : نزلت الآية في طعمة بن أبيرق ، وقيل : " في امرأة سرقت فأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بقطع يدها فقال قومها : نحن نفديها بخمس مائة دينار فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " اقطعوا يدها اليمنى " فقالت المرأة : هل لي من توبة ؟ قال : " نعم " فنزل قوله : { فمن تاب من بعد ظلمه } الآية ، وقيل : من تاب رجع ، قيل : تاب قبل إقامة الحدّ عليه ، وقيل : برد السرقة قبل القدرة عليه لم يقطع ، وقيل : بالتوبة وهو الندم على ما فعل والعزم على أن لا يعود ، وقوله : { فإن الله يتوب عليه } أي يقبل توبته { إن الله غفور } لِمَنْ تاب { رحيم } يقبل توبته .