Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 94-96)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { يأيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد } نزلت الآية وما بعدها بالحديبية ابتلاهم الله تعالى بالوحش وهم محرمون فنهوا عن قتلها فبينما هم كذلك إذ عرض لهم حمار وحش فقتله بعضهم فسألوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فنزلت الآية ، قوله : { ليعلم الله من يخافه بالغيب } ليتميز من يخاف عقاب الله وهو غائب ، قوله تعالى : { فمن اعتدى بعد ذلك } الابتلاء { فله عذاب أليم } { يأيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } يعني وأنتم محرمون قيل : ابتلى الله أمة محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بصيد البر كما امتحن بني إسرائيل بصيد البحر واختلفوا في هذه الآية ، فقيل : صيد البر كله عن ابن عباس ، وقيل : صيد الحرم المحرم ، فهذه الآية فيها الخلاف ، قوله تعالى : { ومن قتله منكم متعمدا } وهو ذاكر لإحرامه أي عالم إنما يقتله مما يحرم عليه قتله ، قال جار الله : فإن قتله وهو ناسي لإحرامه أو رمى صيداً وهو يظن أنه ليس بصيد ، فإذا هو صيد وقصد برميه غير صيد فعدل السهم عن رميته فأصاب صيداً فهو مخطئ ، فإن قيل فمحظورات الاحرام يستوي فيها العمد والخطأ فما بال العمد مشروطاً في الآية ؟ قلت : لأن مورد الآية فمن تعمد ، فقد روي أنه عنَّ لهم في عمرة الحديبية حمار وحش فحمل عليه ابو اليسر فقتله برمحه فقيل له : إنك قتلت الصيد وأنت محرم ؟ فنزلت لأن الأصل فعل المتعمد والخطأ لاحقٌ به للتغليظ ويدل عليه قوله تعالى : { ليذوق وبال أمره … ومن عاد فينتقم الله منه } وعن الزهري : نزل الكتاب بالعمد ووردت السنة بالخطأ ، وعن سعيد بن جبير : لا أرى في الخطأ شيئاً آخذا باشراط العمد في الآية ، وعن الحسن روايتان ، قوله تعالى : { فجزاء مثل ما قتل من النعم } بمثل ما قتل من الصيد أي يهدي من النعم ما قيمته قيمة الصيد وإن شرى طعاماً يعطي كل مسكين نصف صاع { يحكم به ذوا عدل منكم } يعني بمثل ما قتل حاكمان عادلان من المسلمين قالوا : وفيه دليل على أن المثل القِيمة ، لأن التقويم مما يحتاج إلى النظر والاجتهاد وإن صام عن طعام ، أو أطعم عن كل مسكين يوماً ، هذا هو مذهب أبي حنيفة ومذهب أصحاب الشافعي والناصر المماثلة والمقصود في الآية مما يليه في الحلقة الإِلهية أيضاً والله أعلم ، قوله تعالى : { ليذوق وبال أمره } قيل : هو ما لزمه من الجزاء ، وقيل : عقوبة فعله في الآخرة إن لم يتب عفى الله عما سلف لكم في الصيد في حال الإِحرام قبل أن يراجعوا الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويسألوه ، وقيل : عما سلف لكم في زمن الجاهلية ، لأنهم كانوا متعبدين بشرائع من قبلهم وكان الصيد فيها محرماً ، وقوله { ومن عاد فينتقم الله منه } يعني ومن عاد الى قتل الصيد وهو محرم فينتقم الله منه في الآخرة ، وذلك بعد نزول النهي ، واختلف في وجوب الكفارة على العائد فعن عطا وإبراهيم وسعيد بن جبير والحسن وجوبها وعليه عامة العلماء ، وعن ابن عباس : أنه لا كفارة عليه أحداً تعلقاً بالظاهر وإن لم يذكر الكفارة ، قوله تعالى : { أحل لكم صيد البحر } مما يؤكل ومما لا يؤكل { وطعامه } مما يؤكل ، والمعنى أحل لكم الانتفاع بجميع ما يصاد في البحر وأحل لكم المأكول منه وهو السمك ، ولسيارتكم أي يتزودونه قديداً كما تزود موسى الحوت في مسيره إلى الخضر ، قوله تعالى : { وحرم عليكم صيد البر } أي وحرم الله عليكم صيد البر { ما دمتم حرماً } محرمين .