Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 19-24)
Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قل أيُّ شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم } ، قيل : قالت مشركو قريش لقد سألنا اليهود والنصارى عنك فزعموا أنه ليس لك عندهم ذكر ، فأرنا من يشهد لك فنزل قوله تعالى : { وأوحي إليَّ هذا القرآن لأنذركم به } وأنذر كل من بلغه من العرب والعجم ، وقيل : من الثقلين ، وقيل : من بلغه إلى يوم القيامة ، وعن سعيد بين جبير : من بلغه القرآن فكأنما رأى محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) { أئنكم لتشهدون } تقرير لهم مع استنكار واستبعاد { قل لا أشهد } بشهادتكم ، قوله تعالى : { الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم } هؤلاء هم اليهود يعرفون محمداً ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) كما يعرفون أبناءهم وهذا استشهاد لأهل مكة بمعرفة أهل الكتاب ، وبصحة نبوته ، ثم قال : { الذين خسروا أنفسهم } من المشركين ومن أهل الكتاب والجاحدين { فهم لا يؤمنون } به ، قال جار الله : جمعوا بين أمرين متناقضين فكذبوا على الله تعالى ، وكذبوا رسوله حيث قالوا : لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا وقالوا : والله أمرنا بها ، وقالوا : الملائكة بنات الله ، وقالوا : هؤلاء شفعاؤنا عند الله { ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً } أي كفر ، قال الحسن : لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذباً فأشرك به غيره { أو كذب بآياته } وهي القرآن { إنه لا يفلح الظالمون } { ويوم نحشرهم جميعاً } العابدين والمعبودين { ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم } أي آلهتكم التي جعلتموها شركاء لله { الذين كنتم تزعمون } أنها تنفعكم وإنما قال لهم ذلك على جهة التوبيخ { ثم لم تكن فتنتهم } كفرهم { إلا أن قالوا } والمعنى { ثم لم تكن } عاقبة كفرهم الذي لزموه أعمارهم وقاتلوا عليه وافتخروا به ، وقيل : لم يكن جوابهم إلاَّ أن قالوا تسمى فتنة لأنه كذبٌ ، وقيل : الآية نزلت في المنافقين مروا على عادتهم في الدنيا ، وقيل : هو عام في المنافقين والكفار وهو الصحيح ، وقيل : { فتنتهم } خلاصهم يعني المحنة التي يتوهمون أنهم يتخلصون بها ، وقيل : معذرتهم { إلاَّ أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين } يعني لم يكن اعتذارهم إلاَّ هذا ، وقيل : قالوا ذلك لعظيم ما يرون من الأهوال { انظر } يا محمد { كيف كذبوا على أنفسهم } في الدنيا بقولهم انا مصيبون في قولنا ، انا غير مشركين ، واختلفوا هل يجوز في الآخرة أن يكذبوا فالأكثر قالوا لا يجوز لأنها ليست دار تكليف ، وقيل : يجوز ذلك لما يلحقهم من الدهش ، قال جار الله : فإن قلتَ : كيف يصح أن يكذبوا حين يطلعون على حقائق الأمور على أن الكذب والجحود لا وجه لمنفعته ؟ قلتُ : الممتحن ينطق بما ينفعه وبما لا ينفعه من غير تمييز بينهما حيرة ودهشاً ، ألا تراهم يقولون ربنا أخرجنا فإن عدنا فانا ظالمون وقد أيقنوا بالخلود ولم يشكُّوا فيه وقالوا : يا مالك ليقض علينا ربك وقد علموا أنه لا يقضي عليهم ، وأما قول من يقول معناه ما كنا مشركين عند أنفسنا ، وما علمنا انا على خطأ في معتقدنا ، وحمل قوله : { أنظر كيف كذبوا على أنفسهم } يعني في الدنيا متحمل وتعسف وتحريف ، وقد قال تعالى : { يوم يبعثهم الله جميعاً فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون } [ المجادلة : 18 ] بعد قوله : { ويحلفون على الكذب وهم يعلمون } [ المجادلة : 14 ] فشبَّه كذبهم في الآخرة بكذبهم في الدنيا .