Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 2-11)

Tafsir: Tafsīr al-Aʿqam

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { هو الذي خلقكم من طين } يعني خلق آدم ( عليه السلام ) فأخرج مخرج الخطاب لهم ، قال في الثعلبي : بعث الله جبريل إلى الأرض ليأتيه بطينة منها فقالت الأرض : إني أعوذ بالله منك أن تقبض مني فرجع ، فقال : يا رب انها عاذت ، فبعث الله ميكائيل فاستعاذت ، فبعث الله ملك الموت فعاذت منه ، فقال : وأنا أعوذ بالله أن أخالف أمره ، فأخذ من وجه الأرض فخلط الأسود والأبيض والأحمر فلذلك اختلفت أخلاقهم ، قوله تعالى : { ثم قضى أجلاً } المقضي أجل الموت ، والمسمى : أجل القيامة ، وعن ابن عباس : هو أجلاً بقضاء الدنيا ، والأجل المسمى هو أجل ابتداء الآخرة ، وقيل : الأول النوم ، والثاني الموت { ثم أنتم تمترون } تشكون في البعث { وهو الله في السموات وفي الأرض } يعني وهو إله السموات وإله الأرض { ويعلم ما تكسبون } من الخير والشر { وما تأتيهم من آية من آيات ربهم } يعني كفار أهل مكة والآيات من انشقاق القمر وغيره { إلا كانوا عنها معرضين } تاركين لها مكذبين بها { فقد كذبوا بالحق لما جاءهم } يعني القرآن ، وقيل : النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) { فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون } وهو القرآن أي أخباره وأحواله يعني سيعلمون بأي شيء استهزأوا وذلك عند ارسال العذاب عليهم في الدنيا ويوم القيامة أو عند ظهور الاسلام وعلو كلمته ، قوله تعالى : { ألم يرواْ كم أهلكنا من قبلهم من قرن } يعني الأمم الماضية والقرون الخالية ، والقرون الجماعة من الناس { مكنّاهم في الأرض ما لم نمكَّن لكم } يعني لم نعط أهل مكة نحو ما أعطينا عاداً وثموداً وغيرهم من البسط في الأجسام ، والسعة في الأموال { وأرسلنا السماء عليهم } أي المطر { مدراراً } أي غزيراً كثيراً روى ذلك الثعلبي { فأنشأنا من بعدهم } أي وجعلنا وابتدأنا { قرناً آخرين } قوله تعالى : { ولو نزلنا عليك كتاباً في قرطاس فلمسوه بأيديهم } الآية نزلت في النضر بن الحرث ، وعبد الله بن أمية ، ونوفل بن خالد ، قالوا : لن نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من عند الله ومعه أربعة أملاك يشهدون لك بالنبوة يعني لو فعلنا ذلك { لقال الذي كفروا إن هذا إلاَّ سحر مبين } ، قوله تعالى : { ولو أنزلنا ملكاً } الآية ، يعني : ولو أننا نزلنا اليهم الملائكة لم يكن بدّ من إهلاكهم كما أهلكنا أصحاب المائدة ، وقيل : إنهم إذا شاهدوه في صورته زهقت أرواحهم ، من هول ما يشاهدون { لقضي الأمر } يعني أمر هلاكهم { ثم لا ينظرون } بعد نزوله طرفة عين لأنهم إذا عاينوا الملك في صورته زهقت أرواحهم قوله تعالى : { ولو جعلناه ملكاً } يعني لو جعلنا الرسول ملكاً كما اقترحوا لأنهم كانوا يقولون لولا أنزل على محمد ملك ، وتارة يقولون ما هذا إلا بشر مثلكم ولو شاء ربنا لأنزل ملائكة { لجعلناه رجلاً } لأرسلناه في صورة رجل كما كان جبريل ( عليه السلام ) ينزل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في صورة دحية الكلبي { وللبسنا عليهم ما يلبسون } أي ولخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم حينئذ ، فإنهم يقولون إذا رأوا الملك في صورة الانسان هذا إنسان وليس بملك ، فإن قال لهم الدليل على أني ملك جئت بالقرآن المعجز وهو ناطق بأني ملك لا بشر كذبوه كما كذبوا محمداً ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فإذا فعلوا ذلك خذلوا كما هم مخذولون الآن { ولقد استهزئ برسل من قبلك } تسلية لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عما كان يلقى من قومه { فحاق بالذين سخروا منهم } يعني أحاط بهم الشيء الذي كانوا يستهزئون به وهو الحق الذي أهلكوا من أجل الاستهزاء { قل سيروا في الأرض } ، قال جار الله : معناه إباحة السير في الأرض للتجارات وغيرها من المنافع ، وإيجاب النظر في آثار الهالكين ونبَّه على ذلك بثم ليباعد ما بين الواجب والمباح .